ويشهد لهذا ـ أي لتلاشي الأرض ـ كثير من آيات الفرقان المجيد ، منها قوله : (إذا رُجّـت الأرض رجّاً * وبُسّت الجبال بسّاً * فكانت هباءً منبثّاً) (١).
ولا شكّ أنّها ترتجّ باصـطدامها بقوّة هائلة من مذنّب أو نحوه ، وحـينئذٍ تبسّ الجبال ـ أي تتفتّت ـ ثمّ تطير وتصير هباءً في الفضاء (٢) ، وهكذا الشمس والسماء والنجوم : (إذا الشمس كُوّرت * وإذا النجوم انكدرت) (٣) ، وتكويرها : انطفاء نورها ، وبرودة حرارتها ، وخمود نارها ، وهكذا النجـوم (٤) ؛ فسبحان وارث السماوات والأرضين ، وما فيها ومَن عليها.
وحيث بلغ بنا الحديث إلى نهاية الأرض ؛ فلينتهي ما أردناه من القول عن الأرض ، وبعض شؤونها وأحوالها.
وقد جرى القلم بما ذكرناه على رسل الذهن ، وهفو الخاطر ، ومن المعلوم العتيد ، والملحوظات القديمة ، شاكرين حامدين لله فضله علينا
____________
وغيرها ؛ ومن هنا تبين إن في القرآن الكريم ما يشير إلى الرأي العلمي القائل بإمكان فناء الأرض بمصادمة كوكب من ذوات الأذناب ، والله أعلم.
راجع : دائرة معارف القرن العشرين ١ / ١٨٨ ـ ١٩٠.
(١) سورة الواقعة ٥٦ : ٣ ـ ٥.
(٢) تفسير الطبري ١١ / ٦٢٤ ، تفسير القرطبي ١٧ / ١٢٨ ..
وقال الرازي : إشارة إلى أنّ الأرض تتحرّك بحركة مزعجة ، والجبال تتفتّت ، فتصير الأرض المنخفضة كالجبال الراسية ، والجبال الشامخة كالأرض السافلة ، كما يفعل هبوب الريح في الأرض المرملة ؛ راجع : تفسير الرازي ٩ / ١٤٠.
(٣) سورة التكوير ٨١ : ١ و ٢.
(٤) تفسير الطبري ١٢ / ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، تفسير الماوردي ٦ / ٢١١ ـ ٢١٢ ، تفسير البغوي ٤ / ٤١٩ ، تفسير الرازي م ١٦ / ٦٧ ـ ٦٨ ، تفسير الثعلبي ١٠ / ١٣٦ ـ ١٣٧.