هذا حال العامر حال الفتح ، فإذا خرب وكان صالحاً للعمارة وألزم السلطان صاحب الأرض بعمارتها ، فإن عجز دفعها وليّ الأمر لمَن يعمّرها ، وتبقى على ملك الأوّل ويأخذ أُجرة الأرض من المعمّر الثاني ويدفع خراجها ، أمّا لو جُهل مالك الأرض فلوليّ الأمر أنّ يدفعها للمعمّر ، تقبيلاً أو تمليكاً أو إجارة ، حسب ما يراه من المصلحة ، فلو ظهر صاحبها أخذ الأُجرة ؛ هذا حكم الموات بعد الفتح.
أمّا الموات قبله ، وهو الذي أشرنا إليه في صدر هذه الفائدة ، وهو المعنون بكتب الفقهاء بكتاب إحياء الموات ؛ فقد شاع واشتهر حديث : «مـن أحيا أرضاً ميتة فهي له» (١).
وربّما يستكشف منه الإذن العامّ في الإحياء لكلّ أحد ، مسلماً كان أو غـيره ، وتكون ملكاً طلقاً له ، لا حـقّ فيها لأحد ، لا خراجها ولا مقاسمة ولا غيرهما.
نعم ، في غلّتها الزكاة بشروطها ، كغيرها من الأراضي المملوكة ، ولكنّ الأصحّ عندنا ، وهو الأحوط ، استئذان الإمام في الإحياء أو نائبه ، فإن شاء أذن له مطلقاً ، وإن شاء بأُجرة ، حسب ما يراه من المصلحة ، ووضع الأرض سهولاً وحزوناً (٢) وغير ذلك.
____________
(١) صحيح البخاري ٣ / ٢١٤ باب من أحيا أرضاً مواتاً ، سُـنن الترمذي ٣ / ٦٦٢ ـ ٦٦٣ ح ١٣٧٨ وح ١٣٧٩ ، سُـنن أبي داود ٣ / ١٧٤ ـ ١٧٥ ح ٣٠٧٣ وح ٣٠٧٤ كتاب الخراج ، باب في إحياء الموات ، الموطّأ : ٦٤٩ ـ ٦٥٠ ح ٢٨ و ٢٩ باب القضاء في عمارة الموات ، مسند أحمد ٣ / ٣٣٨ وص ٣٨١ ، سُـنن الدارمي ٢ / ١٨٣ ح ٢٦٠٣ باب من أحيا أرضاً ، السُـنن الكبرى ٦ / ٩٩ وص ١٤٢ وص ١٤٣.
(٢) الحَزْنُ : ما غَلُظَ من الأرض ، والجمع : حزون ؛ انظر : لسان العرب ٣ / ١٥٨ ـ ١٥٩ مادّة «حـزن».