قال : قلت : يبيعها الذي هي في يده؟
قال : ويصنع بخراج المسلمين ماذا؟ ثمّ قال : لابأس أن يشتري حقّه منها ، ويحوّل حقّ المسلمين عليه ، ولعلّه يكون أقوى عليها ، وأملأ بخراجه منه» (١).
انظر كيف استنكر الإمام بيعها ، ثمّ أمضاه من الذي هي بيده إذا التزم بخراجها؟! فليس محطّ النظر في كلّ طائفة من الأخبار الواردة في هذا الموضوع إلاّ المحافظة على الخراج الذي هو حقّ المسلمين ، ومصالح الإسلام.
نعم ، في هذا كثير من الأخبار ما يظهر منه المنع مطلقاً ؛ مثل صحيحة ابن ربيع الشامي : لا تشتروا من أرض السواد ؛ فإنّها للمسلمين (٢).
وهو وأمثاله محمول على ما ذكرناه.
فاغتنم هذه الفائدة ؛ فإنّها فريدة ومفيدة ، وهي من مفرداتنا في ما أحسب.
والمراد بأرض السواد : العراق ؛ فإنّه كان عامراً بأجمعه فمن توجّه إليه يرى من بُعد سواداً متراكماً ، وهذا السواد هو البياض حقيقة.
أمّا بياض أراضي العراق اليوم لخرابها وعدم عمرانها فيها سواد الوجه ، وحقاً ما قالوا : «الظلم لا يدوم وإذا دام دمّر» (٣).
____________
(١) النهاية ـ للطوسي ـ : ٤٢٣ ، الاستبصار ٣ / ١٠٩ ح ٣٨٧ ، تذكرة الفقهاء ٢ / ٤٠٢ ، وسائل الشيعة ١٥ / ١٥٦ ح ٢٠١٩٧.
(٢) التهذيب ٧ / ١٤٧ ح ٦٥٣ ، من لا يحضره الفقيه ٣ / ١٥٢ ح ٦٦٧ ، الاستبصار ٣ / ١٠٩ ح ٣٨٥ ؛ وفيه : عن أبي ربيع الشامي ، الخلاف ٢ / ٧٠ ـ ٧١ ، الوسائل ١٧ / ٣٦٩ ح ٥ باب ٢١.
(٣) انظر : فيض القدير ٢ / ١٣٥ ؛ وزاد فيه : «والعدل لا يدوم وإنْ دام عمّر».