الشخصية لأحـد من الناس لشـيء من المفتوح عنوة ، وأنّه ملك لكلّي المسلمين إلى نهاية الدهر لو أنّ للدهر نهاية ، وغفلوا عن نقطة دقيقة في تلك الأحاديث لو التفت أحـد منهم إليها لَما وقع هذا الارتباك ؛ وحاصل ما يستفاد من مجموع ما ورد من الروايات في هذا الباب ، هو : إنّ الأرض العامرة قسمان :
القسم الأوّل : هو مطلق لأربابه ، لا شـيء عليهم فيه سوى الزكاة ، وهما : الأرض التي أسلم عليها أهلها ، والتي صالحوا عليها.
القسم الثاني : وهو المفتوح عنوة ، مضافاً إلى الزكاة حقّ آخر لعنوان المسلمين ومصالحهم إلى يوم القيامة ، لا يراد بذلك نفي الملكيّة مطلقاً ، بل نفي الملكيّة المطلقية ، وبيان أنّ لها نوعاً خاصّاً من الملكيّة ، وذاك أنّ فيه أي عائدةٍ حقّ المسلمين ليس في سائر الأنواع ، وهذه النكتة بعد التنبيه عليها جلية من الروايات ، والعجب غفل عنها أُولئك الأعاظم ..
ففي خبر محمّد بن شريح : «سألت أبا عبدالله ـ أي الصادق عليه السلام ـ عن شراء الأرض من أرض الخراج؟ فكرهه وقال : إنّما أرض الخراج للمسلمين.
فقالوا له : فإنّه يشتريها للرجل وعليه خراجها؟
فقال : لا بأس ، إلاّ أن يستحي من عيب ذلك» (١).
وفي صحيحة صفوان قال : «حدّثني أبو بردة ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : كيف ترى في شراء أرض الخراج؟
قال : ومن يبيع ذلك وهي أرض المسلمين؟!
____________
(١) تهذيب الأحكام ٧ / ١٤٨ ح ٦٥ ، تذكرة الفقهاء ٢ / ٤٠٢ ، الحدائق الناضـرة ١٨ / ٢٩٦ ، وسائل الشيعة ١٢ / ٢٧٥ ح ٩ ، جواهر الكلام ٢١ / ١٥٨.