وأمسك مسلم ، ثمّ قال : اصعدوا به إلىٰ فوق القصر ، فاضْربوا عنقه ثمّ أتْبِعوا جسده رأسه .
فصعد وهو يقول : اللّهمّ احْكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا .
وأشرف به علىٰ موضع الحذائين (١) ، فضربت عنقه وأُتبع جسده رأسه .
ثمّ أمر بهانئ بن عروة بعد قتل مسلم أن يُخرج إلىٰ السوق فتُضْرب عنقه ، فأُخْرج إلىٰ سوق الغنم وهو مكتوفٌ ، فجعل يقول : وا مَذْحجاه ولا مَذحج لي اليوم . فلم ينصره أحد حتّىٰ قُتِل ، وأمر بكلّ من عرفه ممّن خرج مع مسلم بأن تُضْرب عنقه ، وأنفذ برأسه ورؤوس القوم إلىٰ يزيد ، وكتب إليه بالقصّة .
ثمّ إنّ الرسول الذي أنفذه محمّد بن الأشعث لقي حسيناً وهو بزبالة ، فأخبره الخبر وأبلغه الرسالة ، فقال له : كلّ ما حمّ نازلٌ وعند الله نحتسب أنفسنا .
وكان عبد الله بن مُطيع لقي الحسين وهو متوجّه نحو الكوفة من مكّة ، فقال : جعلني الله فداك ! أين تريد ؟!
قال : الكوفة .
قال : جعلتُ فداك ! لا تقربها ، فإنّها بلدة مشؤومة ؛ قُتِل بها أبوك ، وخُذِل أخوك فيها وٱغْتِيل بطعنة كادت تأتي علىٰ نفسه ، الزم الحرم ؛ فإنّك سيّد العرب ، لا يعدل بك أهل الحجاز أحداً ، ويتداعىٰ الناس إليك من كلّ جانب (٢) .
__________________
(١) في تاريخ الطبري : إلىٰ موضع الجزّارين اليوم .
(٢) راجع : الأخبار الطوال : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ .