ولو كان روحي فيها . حتّىٰ قالها مرّتين أو ثلاثاً .
فقال عبيد الله : ما شأنه ؟ أترونه يَهْجر ؟!
قال هانئ : نعم أصلحك الله ، هذا دَيْدنه منذ الصبح .
ففَطِنَ موْلىً لعبيد الله قائمٌ علىٰ رأسه ؛ فغمزه ، فقام عبيد الله ، فقال له شريك : انتظر أصلحك الله ! فإنّي أريدُ أن أوصي إليك .
قال : سأعود إليك .
فلمّا خرج قال شريك لمسلم : ما منعك من قتله ؟!
قال : خصلتان : أمّا إحداهما فكراهة هانئ أن يقتل في داره رجل ، وأمّا الأُخرىٰ ، فسمعت عليّاً يقول : سمعت النبي عليه السلام يقول : « الإيمان قيّد الفتك ، فلا يفتك مؤمن » (١) .
فلبث شريك ثلاثاً ومات ، فدعا عبيد الله هانئاً ، فأبىٰ أن يجيئه إلّا بأمان ؛ فقال : ما له وللأمان ، أأحدث حدثاً ؟!
فجاء بنو عمّه ورؤساء عشيرته ، فقالوا : لا تجعل علىٰ نفسك سبيلاً وأنت بريء .
فأتي به ، فلمّا حصل عنده ، قال عبيد الله : إيهٍ يا هانئ ! ما هذه الأُمور التي تربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامّة المسلمين ؟!
قال : وما ذاك أيّها الأمير ؟
قال : جئت بمسلم وأدخلتَهُ دارك ، وجمعت الرجال والسلاح حواليك ، وظننْتَ أنّ ذلك يخفىٰ ؟!
قال : ما فعلتُ وليس مسلم عندي .
__________________
(١) انظر : الأخبار الطوال : ٢٣٥ ، تاريخ الطبري ٥ / ٣٦٣ ، وص ٣٦٥ .