وكان يزيد ساخطاً عليه قد نوىٰ أن يعزلَه من البصرة ، فكتب إليه برضاه وأنّه ولّاه الكوفة مع البصرة ، وأمره بطلبِ مسلم وقتله (١) .
وأقبل عبيد الله في وجوه أهل البصرة حتّىٰ دخل الكوفة متلثّماً ، فلا يمرّ علىٰ مجلس من مجالسهم فيسّلم إلّا قالوا : وعليكَ السلام يا بن بنت رسول الله ! يظنّونه الحسين بن عليّ حتّىٰ نزل القصر واجماً كئيباً لِما رأىٰ .
ثمّ جمع الناس وخطبهم وأعلمهم نيّة يزيد إلىٰ سامعهم ومطيعهم ، والشدّة علىٰ مريبهم وعاصيهم ، ووعد وأوعد (٢) ، وختم الخطبة بأن قال : ليتّق امرؤٌ علىٰ نفسه ، الصدق ينبئ عنك لا الوعيد (٣) .
ثمّ دعا الناس وقال : اكتبوا إليّ العُرَفاء (٤) من فيكم من طِلْبة أمير المؤمنين ، وأهل الريب الّذين رأيهم الخلاف ، فمن كتبهم لنا فهو بريءٌ ، ومن لم يكتب لنا فليضمن ما في عرافته أن لا يخالفنا منهم مخالفٌ ولا يبغي علينا منهم باغ ؛ فمن لم يفعل ذلك فبرئت منه الذّمّة ودمه حلال وماله مباح ، ومن وجد في عرافته من طِلْبة أمير المؤمنين أحدٌ صُلِب علىٰ باب داره (٥) .
ثمّ إنّ عبيد الله دسّ من يتعرّف حال الرجل الذي يأخذ البيعة علىٰ
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٣٤٨ .
(٢) قال البلاذري : وخطب [ ابن زياد ] الناس فأعلمهم أنّ يزيد ولّاه مصرهم ، وأمره بإنصاف مظلومهم ، وإعطاء محرومهم ، والإحسان إلىٰ سامعهم ومطيعهم ، والشدّة علىٰ عاصيهم ومريبهم ، ووعد المحسن وأوعد المسيء . أنساب الأشراف ٢ / ٧٨ .
(٣) تاريخ الطبري ٥ / ٣٥٩ .
(٤) في تاريخ الطبري : اكتبوا إليّ الغرباء ومن فيكم .
(٥) تاريخ الطبري ٥ / ٣٥٩ .