ولمّا قدِم الحسين مكّة اجتمع إليه الناس ؛ وٱبن الزبير لزم جانب الكعبة ، فهو قائم يصلّي عامّة النهار ، ثمّ يأتي الحسين فيشير عليه بالخروج على يزيد ، وكان الحسين أثقل خلق الله عليه ؛ لأنّه يعرف إنّ أهل الحجاز لا يميلون إليه ما دام يقيم الحسين فيهم ، فهو يريد خروج الحسين من الحجاز (١) .
وبلغ أهل العراق امتناع الحسين من البيعة ليزيد وأنّه لحق بمكّة ، فأرجفوا بيزيد وكاتبوا الحسين : إنّا قد اعتزلنا ، فلسْنا نصلّي بصلاتهم ولا إمام لنا ، فلو أقبلْتَ إلينا رجونا أنْ يجمعنا اللهُ بك علىٰ الإيمان .
وٱجْتمع رؤساء الشيعة مثل سليمان بن صُرَد والمُسيّبُ بن نجبة وأشباهُهما وكتبوا للحُسَين بن عليّ : من شيعة [ أمير ] المؤمنين : أمّا بعد . . فَحَيِّ هلا ، فإنّ الناس ينتظرونك ، لا رأي لهم في غيرك ، فالعجل ، ثمّ العجل . والسلام (٢) .
ثمّ اجتمعوا ثانية فكتبوا : من شَبَث بن رِبْعي وحجّار بن أبجر ويزيد ابن الحارث بن رُوَيم وعمرو بن الحجّاج ومحمّد بن عُمَير : أمّا بعد . . فقد اخضرّ الجناب وأينعت الثمار ، فإذا شئت فاقدم علىٰ جنودٍ مجنّدة لك ، والسلام (٣) .
__________________
(١) قال أبو مخنف : وهو [ الحسين عليه السلام ] أثقل خلق الله علىٰ ابن الزبير ، قد عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ولا يتابعونه أبداً ما دام حسين بالبلد ، وأنّ حسيناً أعظم في أعينهم وأنفسهم منه ، وأطوع في الناس منه . تاريخ الطبري ٥ / ٣٥١ .
(٢) هذا كتاب هانئ بن هانئ السبيعي وسعيد بن عبد الله الحنفي [ من شهداء كربلاء ] ؛ انظر : تاريخ الطبري ٥ / ٣٥٣ . وأمّا كتاب سليمان بن صُرَد وأصحابه ففي ص ٣٥٢ .
(٣) تاريخ الطبري ، ٥ / ٣٥٣