يفرض الله تعالى مودّتهم إلاّ وقد علم أنّهم لا يرتدّون عن الدّين أبداً ولايرجعون إلى ضلال أبداً ، وأُخرى أن يكون الرجل وادّاً للرجل ، فيكون بعض أهل بيته عدوّاً له ، فلم يسلم قلب الرجل له ، فأحبّ الله عزّ وجلّ أن لا يكون في قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المؤمنين شيء ففرض الله عليهم مودّة ذوي القربى فمن أخذ بها وأحبّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحبّ أهل بيته لم يستطع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه ، ومن تركها ولم يأخذ بها وأبغض أهل بيته ، فعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يبغضه لأنّه قد ترك فريضة من فرائض الله تعالى ، فأيّ فضيلة وأيّ شرف يتقدّم هذا أو يدانيه؟ ..
ـ إلى أن قال عليه السلام ـ وما بعث الله عزّ وجلّ نبيّاً إلاّ أوحى إليه أن لايسأل قومه أجراً ، لأنّ الله يُوَفّي أجر الأنبياء ، ومحمّـد صلى الله عليه وآله وسلم فرض الله عزّ وجلّ مودّة قرابته على أُمّته ، وأمره أن يجعل أجره فيهم ، لتودّوه في قرابته ، لمعرفة فضلهم الذي أوجب الله عزّ وجلّ لهم ، فإنّ المودّة إنّما تكون على قدر معرفة الفضل ..
ـ إلى أن قال عليه السلام ـ وما أنصفوا نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم في حيطته ورأفته ، ومامنَّ الله به على أُمّته ممّا تعجز الألسن عن وصف الشكر عليه ، أن يَوَدّوه في قرابته وذريّته وأهل بيته ، وأن يجعلوهم فيهم بمنزلة العين من الرأس ، حفظاً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيهم ، وحبّاً لهم ، وكيف والقرآن ينطق به ويدعوا إليه ، والأخبار ثابتة أنّهم أهل المودّة والذين فرض الله تعالى مودّتهم ووعد الجزاء عليها ، فما وفى أحد بهذه المودّة مؤمناً مخلصاً إلاّ استوجب الجنّة ، لقول الله عزّ وجلّ في هذه الآية : (والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنّات لهم ما يشاؤون عند ربّهم ذلك هو الفضل الكبير * ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا أسألكم