فقام عمر فعثر في جبّة له ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله وقطع رأسه ، وحمله في طرف قبائه حتّى وضعه بين يدي المختار ، وظهر بذلك تصديق قول الحسين عليه السلام لابن سـعد : «وسلّط الله عليك من يذبحك بعدي على فراشك» (١).
فقال المختار لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس؟!
فاسترجع ، وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده.
فقال له المختار : صدقت ، وإنّك لا تعيش بعده ، فأمر به فقُتل ، وإذا رأسه مع رأس أبيه ، وقال المختار : هذا بالحسين ، وهذا بعليّ بن الحسين ولا سواء ، والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله.
ثـمّ بـعث المخـتار برأسـي عمـر بـن سـعد وابـنه إلـى محمّـد بن الحنفيّة رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه أنّه قد قتل من قدر عليه ، وأنّه في طلب الباقين ممّن حضر قتل الحسين عليه السلام ،
فبينما محمّـد بن الحنفيّة جالس مع أصحابه وهو يتعتّب على المختار فما تمّ كلامه إلاّ والرأسان عنده ، فخرّ ساجداً شكراً لله تعالى ، ثمّ رفع رأسه وبسط كفّيه ، وقال : اللّهمّ لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجْزه عن أهل بيت نبيّك محمّـد خير الجزاء ، فوالله ما على المختار بعد هذا من عتب (٢).
ما جرى لمُرّة بن مُنقذ قاتل عليّ بن الحسين عليهما السلام :
وبعث المختار عبـد الله بن كامل إلى مرّة بن منقذ قاتل عليّ بن
____________
(١) تقدّم تخريجه في مقدّمة المؤلّف ص ٣٢٥.
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٦٠ ـ ٦١ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٢٤١ ، ذوب النضار : ١٢٦ ـ ١٣٠ ، بحار الأنوار ٤٥ / ٣٧٧ ـ ٣٧٩ ، عوالم العلوم ١٧ / ٦٩٨ ـ ٧٠٠.