لأربع عشـرة بقيت من ربـيع الأوّل ـ وقيل : الآخـر ـ سنة ستّ وسـتّين ، فلمّا كانت ليلة الثلاثاء ـ وقيل : الأربعاء ـ عند المغرب قام إبراهيم فأذّن وصلّى المغرب بأصحابه ، ثمّ خرج يريد المختار وعليه وعلى أصحابه السلاح ، وكان إياس بن مضارب صاحب شرطة عبـد الله بن مطيع أمير الكوفة ، فأتاه فقال له : إنّ المختار خارج عليك في إحدى هاتين الليلتين فخذ حذرك منه.
ثمّ خرج إياس فبعث ابنه راشداً إلى الكناسة ، وأقبل يسير حول السوق في الشرطة ، ثمّ دخل على ابن مطيع ، فقال له : إنّي قد بعثت ابني إلى الكناسة فلو بعثت في كلّ جبّانة عظيمة بالكوفة رجلاً من أصحابك في جماعـة من أهل الطاعـة لهاب المختار وأصحابـه الخروج عليك ، فبعث ابن مطيع إلى الجبّانات من شحنها بالرجال ، وأوصى كلاًّ منهم أن يحفظ الجهة التي هو فيها.
فبعث شبث بن ربعي إلى السبخة ، وقال : إذا سمعت صوت القوم فوجّه نحوهم ، وكان ذلك يوم الاثنين.
وخرج إبراهيم بن الأشتر يريد المختار ليلة الثلاثاء ، وقد بلغه أنّ الجبّانات قد مُلئت رجالاً ، وأنّ إياس بن مضارب في الشرطة قد أحاطوا بالسوق والقصر ، فأخذ معه من أصحابه نحواً من مائة رجل عليهم الدروع ، وقد لبسـوا عليها الأقبية وتقلّدوا بالسيوف ، وقال له أصحابه : تجنّب الطريق.
فقال : والله لأمرّنّ وسط السوق بجنب القصر ، ولأُرعبنّ به عدوّنا ، ولأُرينّهم هوانهم علينا. فسار على باب الفيل ، ثمّ على دار عمرو بن حريث ، فلقيهم إياس بن مضارب في الشرطة مظهرين السلاح ، فقال لهم :