يعلم إسرارهم * فكيف إذا توفّتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم * ذلك بأنّهم اتّبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم * أم حسب الّذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم* ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنّهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم) (١).
فقد سلّطت الضوء هذه الآيات الشريفة على تعريف الضغينة بأنّها مرض في قلوب ثلّة ، ولا نجد في القرآن الكريم أنّ الله تعالى افترض المحبّة والمودّة ـ التي هي من أفعال القلب ـ ، ومن ثمّ تظهر على أفعال الجوارح إلاّ في المحبّة لله تعالى وللرسول ولذي القربى ، فالضغينة المحرّمة لا تكون إلاّ في موارد عصيان فريضة المحبّة والمودّة ؛ فالقرآن قد حرّم المودّة والمحبّة لآخرين في موارد أُخرى ، كما في قوله تعالى : (لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أُولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه) (٢) ، وقد أطلق القرآن على موادّة من حادّ الله ورسوله أنّها موالاة في السورة نفسها في الآيات الكريمة التى تحكي عن طائفة ممّن هم حول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم (ألم تَرَ إلى الّذين تولّوا قوماً غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ...) (٣).
ولك أن تقول أطلق على الموالاة أنّها موادّة.
وهذا تعريف آخر يطلعنا ويوقفنا عليه القرآن الكريم وهو كون
____________
(١) سورة محمّـد صلى الله عليه وآله وسلم ٤٧ : ٢٥ ـ ٣٠.
(٢) سورة المجادلة ٥٨ : ٢٢.
(٣) سورة المجادلة ٥٨ : ١٤.