فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع ، وحدّ الثقة العدالة والإتقان؟! فكيف يكون عدلاً من هو صاحب بدعة؟!
وجوابه : أنّ البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلوّ التشيّع أو كالتشيّع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التّابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق ، فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبويّة ، وهذه مفسدة بيّنة ثم بدعة كبرى ، كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحطّ على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، والدعاء إلى ذلك ، فهذا النوع لا يحتجّ بهم ولا كرامة. وأيضاً فما استُحضر الآن في هذا الضرب رجلاً صادقاً ولامأمونا ، بل الكذب شعارهم ، والتقية والنفاق دثارهم ، فكيف يقبل نقل من هذا حاله! حاشا وكلا ، فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممّن حارب عليّاً رضي الله عنه ، وتعرّض لسبِّهم ، والغالي في زماننا وعرفنا هو الذي يكفّر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضاً ، فهذا ضالّ مُعَثّر ، ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلاً ، بل قد يعتقد عليّاً أفضل منهما» (١). انتهى.
أقول :
وإقرار الذهبي بأنّ كثيراً من رواة التّابعين وتابعيّهم هم ممن تشيّع وكان من الرافضة ، يقتضي على أصول القوم تعديلهم لأولئك الرواة وحجّيتهم بمقتضى القاعدة والأصل الذي عدّلوا به الصحابة ، وهو كونهم نقلة الدّين وأنّه لولاهم لما وصل إلينا.
____________
(١) ميزان الاعتدال ١ / ٥.