عمر الذي رآه يجره : «قيل : فما أولته يا رسول الله؟ قال : الدين» وقال علي بن أبي طالب : «محبة العلماء دين يدان به». ومن أنحاء اللفظة الدين بمعنى العادة. فمنه قول العرب في الريح : «عادت هيف لأديانها». ومنه قول امرئ القيس : [الطويل]
كدينك من أمّ الحويرث قبلها
ومنه قول الشاعر : [المثقب العبدي] [الوافر] :
أهذا دينه أبدا وديني
إلى غير ذلك من الشواهد ، يقال دين ودينة أي عادة ، ومن أنحاء اللفظة : الدين سيرة الملك وملكته ، ومنه قول زهير : [البسيط].
لئن حللت بجوّ في بني أسد |
|
في دين عمرو وحالت بيننا فدك |
أراد في موضع طاعة عمرو وسيرته ، وهذه الأنحاء الثلاثة لا يفسر بها قوله ملك يوم الدين. ومن أنحاء اللفظة الدين الجزاء ، فمن ذلك قول الفند الزماني : [شهل بن شيبان] [الهزج].
ولم يبق سوى العدوا |
|
ن دنّاهم كما دانوا |
أي جازيناهم. ومنه قول كعب بن جعيل : [المتقارب].
إذا ما رمونا رميناهم |
|
ودناهم مثل ما يقرضونا |
ومنه قول الآخر :
واعلم يقينا أنّ ملكك زائل |
|
واعلم بأنّ كما تدين تدان |
وهذا النحو من المعنى هو الذي يصلح لتفسير قوله تعالى : ملك يوم الدين أي يوم الجزاء على الأعمال والحساب بها ، كذلك قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جريج ، وقتادة وغيرهم.
قال أبو علي : يدل على ذلك قوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [غافر : ١٧] ، و (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية : ٢٨]. وحكى أهل اللغة : دنته بفعله دينا بفتح الدال ودينا بكسرها جزيته ، وقيل الدين المصدر والدين بكسر الاسم.
وقال مجاهد : ملك يوم الدين أي يوم الحساب ، مدينين محاسبين وهذا عندي يرجع إلى معنى الجزاء. ومن أنحاء اللفظة الدين الذل ، والمدين العبد ، والمدينة الأمة ، ومنه قول الأخطل :
ربت وربا في حجرها ابن مدينة |
|
تراه على مسحاته يتركّل |
أي ابن أمة ، وقيل بل أراد ابن مدينة من المدن ، الميم أصيلة ، ونسبه إليها كما يقال ابن ماء وغيره. وهذا البيت في صفة كرمة فأراد أن أهل المدن أعلم بفلاحة الكرم من أهل بادية العرب. ومن أنحاء اللفظة الدين السياسة ، والديان السائس ، ومنه قول ذي الأصبع الحدثان بن الحارث : [البسيط].
لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب |
|
يوما ولا أنت دياني فتخزوني |