وقال أشهب : «يهدي المحصر بعدو هديا من أجل الحصر».
وقال ابن القاسم : «لا يهدي شيئا إلا إن كان معه هدي فأراد نحره» ، ذكره ابن أبي زيد.
وقال عطاء وغيره : المحصر بالمرض كالمحصر بالعدو.
وقال مالك رحمهالله وجمهور من العلماء : المحصر بالمرض لا يحله إلا البيت ، ويقيم حتى يفيق ، وإن أقام سنين ، فإذا وصل البيت بعد فوت الحج قطع التلبية في أوائل الحرم وحل بعمرة ، ثم تكون عليه حجة قضاء وفيها يكون الهدي ، وقيل : إن الهدي يجب في وقت الحصر أولا ، ولم ير ابن عباس من أحصره المرض داخلا في هذه الآية ، وقال : إن المريض إن لم يكن معه هدي حل حيث حبس ، وإن كان معه هدي لم يحل حتى يبلغ الهدي محله ثم لا قضاء عليه ، قال : وإنما قال الله : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) والأمن إنما هو من العدو فليس المريض في الآية.
و «ما» في موضع رفع ، أي فالواجب أو فعليكم ما استيسر ، ويحتمل أن تكون في موضع نصب أي فانحروا أو فاهدوا ، و (فَمَا اسْتَيْسَرَ) عند جمهور أهل العلم : شاة.
وقال ابن عمر وعروة بن الزبير «ما استيسر» جمل دون جمل وبقرة دون بقرة.
وقال الحسن : أعلى الهدي بدنة وأوسطه بقرة وأخسّه شاة ، و (الْهَدْيِ) جمع هدية كجدية السرج وهي البراد جمعها جدى ، ويحتمل أن يكون (الْهَدْيِ) مصدرا سمي به كالرهن ونحوه فيقع للإفراد وللجمع.
وقال أبو عمرو بن العلاء : «لا أعرف لهذه اللفظة نظيرا».
وقوله تعالى : (وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ) الآية ، الخطاب لجميع الأمة محصر ومخلى ، ومن العلماء من يراها للمحصرين خاصة ، ومحل الهدي حيث يحل نحره ، وذلك لمن لم يحصر بمنى ولمن أحصر بعدو حيث أحصر إذا لم يمكن إرساله ، وأما المريض فإن كان له هدي فيرسله إلى محله.
والترتيب أن يرمي الحاج الجمرة ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف طواف الإفاضة ، فإن نحر رجل قبل الرمي أو حلق قبل النحر فلا حرج حسب الحديث ولا دم.
وقال قوم : لا حرج في الحج ولكن يهرق دما.
وقال عبد الملك بن الماجشون من أصحابنا : «إذا حلق قبل أن ينحر فليهد ، وإن حلق رجل قبل أن يرمي فعليه دم قولا واحدا في المذهب».
قال ابن المواز عن مالك : ويمر الموسى على رأسه بعد الرمي ، ولا دم في ذلك عند أبي حنيفة وجماعة معه.
وقرأ الزهري والأعرج وأبو حيوة «الهديّ» بكسر الدال وشد الياء في الموضعين واحدته هدية ، ورويت هذه القراءة عن عاصم.