وقال ابن عباس وعلقمة وإبراهيم وغيرهم : إتمامهما أن تقضي مناسكهما كاملة بما كان فيها من دماء.
وفروض الحج : النية ، والإحرام ، والطواف المتصل بالسعي ، والسعي بين الصفا والمروة عندنا خلافا لأبي حنيفة ، والوقوف بعرفة ، والجمرة على قول ابن الماجشون ، وأما أعمال العمرة فنية وإحرام ، وطواف ، وسعي.
واختلف في فرض العمرة فقال مالك رحمهالله : هي سنة واجبة لا ينبغي أن تترك كالوتر ، وهي عندنا مرة واحدة في العام ، وهذا قول جمهور أصحابه ، وحكى ابن المنذر في الإشراف عن أصحاب الرأي أنها عندهم غير واجبة ، وحكى بعض القرويين والبغداديين عن أبي حنيفة أنه يوجبها كالحج ، وبأنها سنة.
قال ابن مسعود وجمهور من العلماء ، وأسند الطبري النص على ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وروي عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمر والشافعي وأحمد وإسحاق والشعبي وجماعة تابعين : أنها واجبة كالفرض ، وقاله ابن الجهم من المالكيين.
وقال مسروق : «الحج والعمرة فرض ، نزلت العمرة من الحج منزلة الزكاة من الصلاة» ، وقرأ الشعبي وأبو حيوة «والعمرة لله» برفع العمرة على القطع والابتداء ، وقرأ ابن أبي إسحاق «الحج» بكسر الحاء ، وفي مصحف ابن مسعود «وأتموا الحج والعمرة إلى البيت لله» ، وروي عنه : «وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت» ، وروي غير هذا مما هو كالتفسير.
وقوله تعالى : (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) ، قال علقمة وعروة بن الزبير وغيرهما : الآية فيمن أحصر بالمرض لا بالعدو.
وقال ابن عباس وغيره بعكس ذلك ، والمشهور من اللغة أحصر بالمرض وحصر بالعدو ، وفي المجمل لابن فارس حصر بالمرض وأحصر بالعدو.
وقال الفراء : «هما بمعنى واحد في المرض والعدو».
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه : والصحيح أن حصر إنما هي فيما أحاط وجاور فقد يحصر العدو والماء ونحوه ولا يحصر المرض ، وأحصر معناه جعل الشيء ذا حصر كأقبر وأحمى وغير ذلك ، فالمرض والماء والعدو وغير ذلك قد يكون محصرا لا حاصرا ، ألا ترى أن العدو كان محصرا في عام الحديبية ، وفي ذلك نزلت هذه الآية عند جمهور أهل التأويل ، وأجمع جمهور الناس على أن المحصر بالعدو يحل حيث أحصر ، وينحر هديه إن كان ثم هدي ويحلق رأسه.
وقال قتادة وإبراهيم : يبعث بهديه إن أمكنه فإذا بلغ محله صار حلالا ولا قضاء عليه عند الجميع إلا أن يكون صرورة فعليه حجة الإسلام.
وقال ابن الماجشون : «ليست عليه حجة الإسلام وقد قضاها حين أحصر».
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف لا وجه له.