وقوله تعالى : (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) الآية ، المعنى فحلق لإزالة الأذى (فَفِدْيَةٌ) ، وهذا هو فحوى الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ونزلت هذه الآية في كعب بن عجرة حين رآه رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ورأسه يتناثر قملا ، فأمره بالحلاق ونزلت الرخصة ، و «فدية» رفع على خبر الابتداء ، والصيام عند مالك وعطاء ومجاهد وإبراهيم وغيرهم وجميع أصحاب مالك : ثلاثة أيام ، والصدقة : ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع ، وذلك مدّان بمدّ النبي صلىاللهعليهوسلم ، والنسك : شاة بإجماع ، ومن ذبح أفضل منها فهو أفضل.
وقال الحسن بن أبي الحسن وعكرمة : الصيام عشرة أيام ، والإطعام عشرة مساكين.
وقرأ الزهري «أو نسك» بسكون السين.
وقال سعيد بن جبير ومجاهد : النسك شاة ، فإن لم يجدها فقيمتها يشترى بها طعام فيطعم منه مدّان لكل مسكين ، فإن لم يجد القيمة عرفها وعرف ما يشترى بها من الطعام وصام عن كل مدين يوما.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ذلك كله حيث شاء ، وفاله إبراهيم وهو مذهب مالك وأصحابه إلا ابن الجهم ، فإنه قال : لا يكون النسك إلا بمكة.
وقال عطاء في بعض ما روي عنه وأصحاب الرأي : النسك بمكة ، والصيام والإطعام حيث شاء.
وقال الحسن بن أبي الحسن وطاوس وعطاء أيضا ومجاهد والشافعي : النسك والإطعام بمكة ، والصيام حيث شاء ، والمفتدي مخير في أي هذه الثلاثة شاء ، وكذلك قال مالك وغيره في كل ما في القرآن أو فإنه على التخيير.
وقوله تعالى : (فَإِذا أَمِنْتُمْ) ، قال علقمة وعروة : المعنى إذا برأتم من مرضكم. وقال ابن عباس وقتادة وغيرهما : إذا أمنتم من خوفكم من العدو المحصر ، وهذا أشبه باللفظ إلا أن يتخيل الخوف من المرض فيكون الأمن منه.
وقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) الآية ، قال عبد الله بن الزبير وعلقمة وإبراهيم : الآية في المحصرين دون المخلى سبيلهم ، وصورة المتمتع عند ابن الزبير أن يحصر الرجل حتى يفوته الحج ثم يصل إلى البيت فيحل بعمرة ويقضي الحج من قابل ، فهذا قد تمتع بما بين العمرة إلى حج القضاء ، وصورة المتمتع المحصر عند غيره أن يحصر فيحل دون عمرة ويؤخرها حتى يأتي من قابل فيعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه.
وقال ابن عباس وجماعة من العلماء : الآية في المحصرين وغيرهم ممن خلي سبيله ، وصورة المتمتع أن تجتمع فيه ستة شروط : أن يكون معتمرا في أشهر الحج ، وهو من غير حاضري المسجد الحرام ، ويحل وينشىء الحج من عامه ذلك دون رجوع إلى وطنه أو ما ساواه بعدا. هذا قول مالك وأصحابه ، واختلف لم سمي متمتعا ، فقال ابن القاسم : لأنه تمتع بكل ما لا يجوز للمحرم فعله من وقت حله في العمرة إلى وقت إنشائه الحج ، وقال غيره : سمي متمتعا لأنه تمتع بإسقاط أحد السفرين ، وذلك أن