السبت وهو : القطع ، لأن الأشياء فيه سبتت وتمت خلقتها.
وقصة اعتدائهم فيه ، أن الله عزوجل أمر موسى عليهالسلام بيوم الجمعة ، وعرفه فضله ، كما أمر به سائر الأنبياء ، فذكر موسى عليهالسلام ذلك لبني إسرائيل عن الله تعالى وأمرهم بالتشرع فيه ، فأبوا وتعدوه إلى يوم السبت ، فأوحى الله إلى موسى أن دعهم وما اختاروا من ذلك ، وامتحنهم فيه بأن أمرهم بترك العمل وحرم عليهم صيد الحيتان ، وشدد عليهم المحنة بأن كانت الحيتان تأتي يوم السبت حتى تخرج إلى الأفنية. قاله الحسن بن أبي الحسن. وقيل حتى تخرج خراطيمها من الماء ، وذلك إما بالإلهام من الله تعالى ، أو بأمر لا يعلل ، وإما بأن فهمها معنى الأمنة التي في اليوم مع تكراره حتى فهمت ذلك ، ألا ترى أن الله تعالى قد ألهم الدواب معنى الخوف الذي في يوم الجمعة من أمر القيامة ، يقضي بذلك قول النبيصلىاللهعليهوسلم : «وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة فرقا من الساعة» ، وحمام مكة قد فهم الأمنة ، إما أنها متصلة بقرب فهمها.
وكان أمر بني إسرائيل بأيلة على البحر ، فإذا ذهب السبت ذهبت الحيتان فلم تظهر إلى السبت الآخر ، فبقوا على ذلك زمانا حتى اشتهوا الحوت ، فعمد رجل يوم السبت فربط حوتا بخزمة ، وضرب له وتدا بالساحل ، فلما ذهب السبت جاء وأخذه ، فسمع قوم بفعله فصنعوا مثل ما صنع ، وقيل بل حفر رجل في غير السبت حفيرا يخرج إليه البحر ، فإذا كان يوم السبت خرج الحوت وحصل في الحفير ، فإذا جزر البحر ذهب الماء من طريق الحفير وبقي الحوت ، فجاء بعد السبت فأخذه ، ففعل قوم مثل فعله ، وكثر ذلك حتى صادوه يوم السبت علانية ، وباعوه في الأسواق ، فكان هذا من أعظم الاعتداء ، وكانت من بني إسرائيل فرقة نهت عن ذلك فنجت من العقوبة ، وكانت منهم فرقة لم تعص ولم تنه ، فقيل نجت مع الناهين ، وقيل هلكت مع العاصين.
و (كُونُوا) لفظة أمر ، وهو أمر التكوين ، كقوله تعالى لكل شيء : (كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠ ، مريم : ٣٥ ، يس : ٨٢ ، غافر : ٦٨] ، ولم يؤمروا في المصير إلى حال المسخ بشيء يفعلونه ولا لهم فيه تكسب.
و (خاسِئِينَ) معناه مبعدين أذلاء صاغرين ، كما يقال للكلب وللمطرود اخسأ. تقول خسأته فخسأ ، وموضعه من الإعراب النصب على الحال أو على خبر بعد خبر.
وروي في قصصهم أن الله تعالى مسخ العاصين (قِرَدَةً) بالليل فأصبح الناجون إلى مساجدهم ومجتمعاتهم ، فلم يروا أحدا من الهالكين ، فقالوا إن للناس لشأنا ، ففتحوا عليهم الأبواب كما كانت مغلقة بالليل ، فوجدوهم (قِرَدَةً) يعرفون الرجل والمرأة ، وقيل : إن الناجين كانوا قد قسموا بينهم وبين العاصين القرية بجدار ، تبريا منهم ، فأصبحوا ولم تفتح مدينة الهالكين ، فتسوروا عليهم الجدار فإذا هم قردة ، يثب بعضهم على بعض.
وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم وثبت عنه أن الممسوخ لا ينسل ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام ؛ ووقع في كتاب مسلم عنه عليهالسلام أن أمة من الأمم فقدت ، وأراها الفأر ، وظاهر