ومن المسائل التى
شغلتهم لاتصالها بأصل العقيدة الاسلامية مسألة إعجاز القرآن الكريم ، فالحياة
الفكرية الإسلامية فى أساسها مبنية على تعاليم هذا الهدى الحنيف والأعداء قد طعنوا
فيه وفى نزوله وفى إعجازه ، وفى نبوة الرسول عليه صلوات الله وبركاته ، فدافع
المتكلمون عن كل هذا وتعرضوا للإعجاز كقضية ماسة بكيان الفكر الاسلامى.
وقد تصدينا لبعض
الكتب التى كتبت فى الإعجاز وهناك أخرى ضاعت مع الزمن ، من مثل كتاب أبى عبد الله
محمد بن زيد الواسطى المتوفى (٣٠٦ ه) وهو بعنوان «إعجاز القرآن» وقد شرحه
الجرجانى شرحين وللمعتزلى الزاهد ابن الأخشيد كتاب (نقل القرآن) هذا غير الكتب التى ألفت من المعتزلة بخاصة فى «تفسير
القرآن» «ومعانى القرآن» «ومتشابه القرآن» «والرد على الملحدين».
وقضية الإعجاز هى
الصلة التى ربطت المتكلمين بالمدارس الأدبية ، لأن لها اتصالا بفنه وبلاغته ، وبأسلوبه
وروعته ، بجانب ما فى القضية من مشكلات فلسفية ، ومن هنا جاءت الكتب التى انشغلت
بقضية الإعجاز ، فيها فلسفة وأدب ، وفيها فن ومنطق ، وفيها جدل وشعر ، ومن ثمّ
تبلورت قضية للإعجاز ، لها جانبان بارزان ، الأول منهما فلسفى جدلى ، والآخر بلاغى
أدبى.
ولأنّ المعارضين
كانوا مفكرين ، سواء أكانوا أصحاب ديانات سماوية ، أم أصحاب فرق عقائدية ، وسلاحهم
كان المنطق والثقافة الواسعة والتمرس بالجدل ، أصبح أصحاب الحديث القدامى لا
يملئون مكانهم فى الدفاع عن الدين أمام هؤلاء : ولم يكن بدّ من أن تظهر طائفة لها
نصيبها من الفلسفة بجانب نصيبها من الأدب والفن والثقافة ، لتدافع عن هذا الدين
الحنيف وكانت طائفة المتكلمين ، يقول الغزالى الأشعرى «فقد ألقى الله تعالى على
لسان رسوله عقيدة هى الحق على ما فيه صلاح دينهم ودنياهم .. ثم ألقى الشيطان فى
وساوس المبتدعة أمورا مخالفة ما فيه صلاح دينهم ودنياهم .. ثم ألقى الشيطان فى
وساوس المبتدعة
__________________