خبرا مبدوءا به وإن كانوا تلقوه بالشك ، ولذلك أكده لهم الرسل بمؤكد واحد حتى إذا عادوا فى الإنكار أكدوه لهم بمؤكدين وهما إنّ واللام.
ويفيض عبد القاهر فى الحديث عن صور القصر وأدلته وهى (إنما) و (ما وإلا) والعطف (بلا) (١).
ونرى الزمخشرى يقف كثيرا بازاء (إنما) يقول تعليقا على آية البقرة (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) : إنما لقصر الحكم على شىء كقولك : إنما ينطلق زيد أو لقصر الشيء على حكم كقولك : إنما زيد كاتب ، ومعنى (إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) [البقرة ـ ١١] أن صفة المصلحين خلصت لهم وتمخضت من غير شائبة (٢) وبمثل هذا يذهب فى تعليقه على آية (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [الأنبياء ـ ١٠٨] ويلاحظ فيها أنه أجرى (أنما) بالفتح مجرى (إنما) بالكسر (٣).
وهناك مواضع كثيرة فى «الكشّاف» ، نستطيع أن نضعها بجوار «الدلائل» وبجوار «الأسرار» أيضا ، ولكن نحن لا نستقصى بلى نشير فقط إلى أوجه التأثير والتأثر بين الجرجانى والزمخشرى ، وإلى أى مدى استفاد الثانى من الأول.
ولقد تحدث الجرجانى عن الكناية ، ووقف بخاصة عند الكناية عن صفة مثل (طويل النجاد) و (كثير الرماد) (٤) وإلى شبيهه ذهب الزمخشرى فى تعريفه الفرق بين الكناية والتعريض ، حيث يعلق على آية البقرة (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ) [البقرة ـ ٢٣٥] من تعريف لاصطلاح التعريض الكناية (٥).
والاستعارة ، قد قسمها الزمخشرى ـ كما فعل الجرجانى ـ إلى تصريحية
__________________
(١) الجرجانى ـ الدلائل ـ ٢١٥ وما بعدها.
(٢) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ١٣٧ ط ٢ بولاق.
(٣) نفس المصدر ـ ٢ / ٢٧٣ ط ٢ بولاق.
(٤) الجرجانى ـ الدلائل ـ ٢٩٠ وما بعدها.
(٥) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٢٧١ ط ٢ بولاق.