الوارد بعده خبر لا صفة ، والتوكيد ، وإيجاب فائدة المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره» والفائدة الأولى نحوية خالصة ، وأما الفائدتان الثانية والثالثة فتلتقيان مع كلام عبد القاهر فى أن ضمير الفصل يفيد تأكيد الاختصاص ، ويقف الزمخشرى عند تعريف كلمة (المفلحون) قائلا «ومعنى التعريف فى (المفلحون) الدلالة على المتقين هم الناس الذين عنهم بلغك أنهم يفلحون فى الآخرة ... أو على أنهم الذين أن حصلت صفة المفلحين وتحققوا ما هم ، وتصورا بصورتهم الحقيقية ، فهم لا يعدون تلك الحقيقة» (١)
أما ما كتبه عبد القاهر فى جملة الحال الاسمية والفعلية ومتى تقترن بالواو ومتى يستحب ومتى يمتنع (٢) فهو لدى الزمخشرى حين يعلق على آية الأعراف (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) [الأعراف ـ ٤] أن الواو حذفت من قوله (أو هم قائلون) استثقالا لاجتماع حرفى عطف ، لأن واو الحال هى واو العطف استعيرت للوصل ، وعدّ سقوط الواو من مثل (جاءنى زيد وهو فارس) خبيثا (٣) كأنه يؤثر ذكر الواو ، وآثر فى هذا التعبير إن حذفت منه الواو أن يقال (جاءنى زيد فارسا) ، ومر بنا كيف أن عبد القاهر كان يرى امتناع حذف الواو فيه (٤).
ويقف عبد القاهر عند طائفة من التعبيرات الدقيقة ، من ذلك استخدام كلمة (كل) فإنها إن دخلت فى حيز النفى مثل (ما كل ما يتمنّى المرء يدركه) كانت لنفى الشمول وإن تقدمت النفى مثل (كل ذلك لم يكن) كانت لشمول النفى بحيث يعم جميع الأفراد (٥).
ولم يتعرض الزمخشرى لهذه القاعدة ، ولعله رآها لا تطرد فى القرآن مثل آية (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) [البقرة ـ ٢٧٦] فإن نفى الحب فى الآية مسلط على جميع الأفراد. ونراه فى مواضع كثيرة ينص على أن النكرة فى سياق
__________________
(١) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ١١٢ وما بعدها ط ٢ بولاق.
(٢) الجرجانى ـ الدلائل ـ ١٣٥ وما بعدها.
(٣) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٤٧٩ ط ٢ بولاق.
(٤) الجرجانى ـ الدلائل ـ ١٣٥ وما بعدها.
(٥) نفس المصدر ـ ١٨٥ وما بعدها.