«المغنى» ، كما استفاد «الباقلانى» من «الرمانى».
الكشاف والدلائل :
هناك إلماعة صريحة وحيدة الى عبد القاهر الجرجانى ، وردت فى الكشاف معترفا فيها الزمخشرى بإمامة الجرجانى ، حيث يقول معجبا : «وقد ملح الإمام عبد القاهر فى قوله لبعض من يأخذ عنه.
ما شئت من زهزهة والفتى |
|
بمصقلاباذ لسقي الزروع (١) |
ويعلق الدكتور الجوينى على هذا بقوله (ولكن حين عرض الزمخشرى لنظم القرآن ، عرض له من ناحية الجمال الحادث عن أحكام معانى النحو ، مما لا يدع سبيلا لشك ، فى أن الزمخشرى إنما يتأثر عبد القاهر فى بحثه الإعجاز القرآنى ، وإن كانت بعد للزمخشرى المعتزلى شخصيته فى البحث الإعجازى (٢).
وفى الدلائل ، تصدى الجرجانى لمبحث التقديم والتأخير الذى استهله بأن النحاة لم يلاحظوا فى التقديم شيئا سوى العناية والاهتمام يسوقونهما من غير تعليل ومن غير تفسير لسبب العناية والاهتمام ، وقد مضى الجرجانى يوضح أن المسألة أدق مما تصوروا ، دارسا دراسة مفصلة للتقديم مع الاستفهام بالهمزة ، ومع النفى ، وفى الخبر المثبت ، حين يتقدم المسند إليه ، وأثبت مما لا يقبل الشك أنك إذا قلت لشخص : أأنت قلت هذا الشّعر ، كان الشك فى قائل الشعر ، أما إذا قلت له : أقلت هذا الشعر. كان الشك فى الفعل نفسه ، وعلى هذا الأساس الآية الكريمة (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) [الأنعام ـ ١٤] فإن الإنكار فيها موجه لاتخاذ غير الله لا اتخاذ الولى من حيث هو (٣).
ويقول الزمخشرى تعليقا على هذه الآية (أولى (٤) غير الله همزة الاستفهام ، دون الفعل الذى هو «أتخذ» لأن الإنكار فى اتخاذ غير الله وليا ، لا فى اتخاذ الولى ،
__________________
(١) الزمخشرى ـ الكشاف ـ أى أن الأستاذ يجد من تلميذه الموافقة على آرائه ، والتحسين لها. والإعجاب بها ، ولكن خياله منشغل بسقى الزروع واللعب فى الخمائل ٢ / ٤٠٦.
(٢) الدكتور الجوينى ـ منهج الزمخشرى ـ ٢١٩.
(٣) الجرجانى ـ الدلائل ـ ٧٧.
(٤) أولى أى أتبع.