رَادَّ لِفَضْلِهِ ، يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [يونس ـ ١٠٧] وهو أبلغ من قوله (إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ) (١) [الزمر ـ ٣٨] فهو هنا يرسل الحكم إرسالا دون تفصيل لوجه العلو فى مرتبة البلاغة. وكذلك نراه يقول فى الآية (يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ) [الحج ـ ٢٠] .. وهو أبلغ من قوله (وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ) (٢) [محمد ـ ١٥] ويقول فى الآية (وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ) [المؤمنون ـ ١٨] .. وهو أبلغ فى الأبعاد من قوله : (أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٣) [الملك ـ ٣٠] وقد فصل شيئا هنا فى الآية (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) [سبأ ـ ٢٥] هذا أدخل فى الإنصاف وأبلغ فيه من (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ ـ ٢٤] حيث أسند الإجرام إلى المخاطبين والعمل إلى المخاطبين (٤) [سبأ ـ ٢٤].
الزمخشرى ينبهر بإعجاز القرآن :
وهو إن كان حينا يطرب لجمال البيان القرآنى وإعجازه فيحاول الإشارة إلى سره فإنه حينا آخر لا يملك إلا أن يعجب وينبهر بالإعجاز ، فيطلق عبارة الإحسان فحسب ، يقول مرة «وأسرار التنزيل ورموزه فى كل باب بالغة اللطف والخفاء جدا ، يدقّ على تفطن العالم ويزل عن تبصّره» (٥) ويقف عند الآى (وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ ، صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ، إِنَّهُ خَبِيرٌ بِما تَفْعَلُونَ ، مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها ، وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل ، ٨٨ ـ ٩٠] يقف عندها مبهورا مأخوذا يقول : فانظر إلى
__________________
(١) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٤٣٤.
(٢) نفس المصدر ـ ٢ / ٥٩.
(٣) نفس المصدر ـ ٢ / ٧١.
(٤) نفس المصدر ـ ٢ / ٢٣١ وانظر أيضا ٢ / ٣١٦.
(٥) نفس المصدر ـ ٢ / ٧٣.