وبمثل هذا يقف عند الآية (صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً) (١). [البقرة ـ ١٣٨].
أسلوب اللف :
ومن صور بديع القرآنى أيضا أسلوب اللف ، والزمخشرى هنا يبحث جماليا أسلوب اللف فى الآية التشريعية (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة ـ ١٨٥] ... شرع ذلك يعنى جملة ما ذكر من أمر الشاهد بصوم الشهر ، وأمر المرخص له بمراعاة عدة ما أفطر فيه ، ومن الترخيص فى إباحة الفطر ، فقوله «لتكملوا» علة الأمر بمراعاة العدة ، و «لتكبروا» علة ما علم من كيفية القضاء والخروج من عهدة الفطر ، «ولعلكم تشكرون» علة الترخيص والتيسير ، وهذا نوع من اللف لطيف المسلك لا يكاد يهتدى إلى تبينه إلا النّقّاب المحدث من علماء البيان (٢).
ويرى أن هذه الآية أيضا من أسلوب اللف وهى (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٣) [القصص ـ ٧٣].
بلاغة القرآن :
والزمخشرى يرى أن فى القرآن بليغا وأبلغ ، وهذا الإحساس الفنى لم يصوره الزمخشرى ، ولم يشبع القول فيه ، ولكنه ـ كما سنرى ـ مر به سريعا. يعلل لرأيه هذا قائلا «ليس بواجب أن يجيء بالآكد فى كل موضع ولكن يجيء بالوكيد تارة والآكد أخرى ، كما يجيء بالحسن فى موضع وبالأحسن فى غيره ليفتن الكلام افتنانا (٤). ولنتتبع تطبيقه العملى لرأيه هذا ... يقول فى الآية (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) [الأعراف ـ ٢٧) وهذا تحذير آخر أبلغ من الأول (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) ٥ [الأعراف ـ ٢٧] ويقول فى الآية (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا
__________________
(١) نفس المصدر ـ ١ / ٩١.
(٢) نفس المصدر ـ ٢ / ١٩٧٠.
(٣) نفس المصدر ـ ٢ / ٤٠.
(٤) نفس المصدر ـ ١ / ٣٢٦.