وأقلعى ، وذلك وأن كان لا يخلى الكلام من حسن فهو كغير الملتفت إليه بإزاء تلك المحاسن التى هى اللب وما عداها قشور (١).
ثم يشير إلى الجناس الكائن فى الآية (وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (٢). [النمل ـ ٢٢].
المشاكلة : (٣)
ومن بديع القرآن المشاكلة ، يقول الزمخشرى فى الآية (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) [البقرة ـ ٢٦] .. يجوز أن تقع هذه العبارة فى كلام الكفرة ، فقالوا أما يستحى رب محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت ، فجاءت على سبيل المقابلة وإطباق الجواب على السؤال وهو فمن من كلامهم بديع وطراز عجيب منه قول أبى تمام :
من مبلغ أفناء يعرب كلّها |
|
أنّى بنيت الجار قبل المنزل |
ويشهد رجل عند شريح ، فقال : إنك لسبط الشهادة ، فقال الرجل : إنها لم تجعّد عنى ، فقال : لله بلاءك ، وقبل شهادته ، فالذى سوّغ بناء الجار وتجعيد الشهادة هو مراعاة المشاكلة ولو لا بناء الدار لم يصح بناء الجار ولو لا سبوطه الشهادة لامتنع تجعيدها ، ولله در أمر التنزيل وإحاطته بفنون البلاغة وشعبها لا تكاد تستغرب منها فنا ، إلا عثرت عليه فيه على أقوم مناهجه وأسد مدارجه (٤).
__________________
(١) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٤٤٣.
(٢) نفس المصدر ـ ٢ / ١٤٢.
(٣) نفس المصدر ١ / ٤٦. وهى التى يسميها العسكرى (المقابلة) ٤٢٨. «المشاكلة» أو «المزاوجة» أو «التصدير» أو «رد الإعجاز إلى الصور» يعنى : تكرار إيقاع واحد مرتين فى الجملة ، أو فى جملتين متتاليتين ، والقصد من التكرار والإعادة استجلاب النغمة نفسها وإيقاعها ، وأثرها فى الأذن والنفس ، مع إضفاء التوكيد على المعنى والإيضاح له ـ وقد خلط الزمخشرى هنا بين المشاكلة الحقيقية والتى فى شاهد «صبغة الله» وبين الأخرى التى تعنى إطباق الجواب على السؤال ، أى أن يكون الجواب من نفس ألفاظ السؤال أو قريبا منها. انظر ـ كتابى ـ البديع؟؟؟ و؟؟؟. فصل المشاكلة من ٩٣ ـ ١٠٤.
(٤) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٧٨.