للمضياف ، والتعريض : أن تذكر شيئا تدل به على شىء لم تذكره ، كما يقول المحتاج للمحتاج إليه. جئت لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم ، ولذلك قالوا : وحسبك بالتسليم منّى تقاضيا.
وكأن إمالة الكلام الى عرض يدل على الغرض ، ويسمى التلويح لأنه يلوح منه ما يريده (١) وأمام الآية (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) [البقرة ـ ٢٨] ، يعرض متفلسفا لأسلوب الكناية فيها قائلا : فإن قلت : فما تقول فى «كيف» ، حيث كان إنكارا للحال التى يقع عليها كفرهم؟ قلت : حال الشيء تابعة لذاته ، فاذا امتنع ثبوت الذات تبعه امتناع ثبوت الحال ، فكان إنكار حال الكفر لأنها تبيع ذات الكفر ورديفها ، إنكارا لذات الكفر وثباتها على طريق الكناية ، وذلك أقوى لإنكار الكفر وأبلغ ، وتحريره أنه إذا أنكر أن يكون لكفرهم حال يوجد عليها ـ وقد علم أن كلّ موجود لا ينفك عن حال وصفة عند وجوده ، ومحال أن يوجد بغير صفة من الصفات ـ كان إنكارا لوجوده على الطريق البرهانى (٢).
ويبين عن المزية المعنوية للتعريض فى الآية (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سبأ ـ ٢٤] ... وهذا من الكلام المنصف الذى كان من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به : قد أنصفك صاحبك ، وفى درجه بعد تقدمه ما قدم من التقرير البليغ ، دلالة غير خفية على من هو من الفريقين على الهدى ، ومن هو فى الضلال المبين ، ولكن التعريض والتورية أفضل بالمجادل وأهجم به على الغلبة مع قلة شغب الخصم وفل شوكته بالهوينى ... ومنه بيت حسان.
أتهجوه ولست له بكفء |
|
فشرّكما لخيركما الفداء (٣) |
__________________
(١) نفس المصدر ـ ١ / ١١٣.
(٢) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٥٠.
(٣) نفس المصدر ـ ٢ / ٢٣١.