السورة مستجلبا جديدا فى جمالها كاشفا عن خبيء من أسرار حسنها ... (١).
وكذا الآى (الم ، ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة : ١ ـ ٢] فبعد أن يورد وجوها فى إعرابها ينأى بنا عن رياضة النحو ويسلك وادى الجمال الأسلوبى للقرآن ناظما معانيها فى سلك معنوى واحد (٢).
ويستعين ثقافته فى تحليله الجمالى للآى ـ يستعين ثقافته المنطقية فى الكشف عن وجوه الحسن فى الآية (الم ، تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) [السجدة ـ ٣] .. يقول ... هذا أسلوب صحيح محكم أثبت أولا أن تنزيله من رب العالمين ، وأن ذلك ما لا ريب فيه ، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) لأن أم هى المنقطعة الكائنة بمعنى بل ، والهمزة إنكارا لقولهم وتعجيبا لظهور أمره فى عجز بلغائهم عن مثل ثلاث آيات منه ، ثم أضرب عن الإنكار إلى إثبات أنه الحق من ربك. ونظيره أن يعلل العالم فى المسألة بعلة صحيحة جامعة قد احترز فيها أنواع الاحتراز ، كقول المتكلمين النظر أول الأفعال الواجبة على الاطلاق التى لا يعرى عن وجوبها مكلّف ، ثم يعترض عليه فيها ، ببعض ما وقع احترازه منه ، فيرده بتلخيص أنه احترز من ذلك ثم يعود إلى تقرير كلامه وتمشيته (٣). ويستعين ثقافته العلمية فى الكشف عن مزية نظم الآية (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) (٤) [الملك ـ ١٩].
الكناية والتعريض :
صورة من صور البيان القرآنى يعرض لها الزمخشرى فى مبحثه الجمالى ، تلك هى أسلوب الكناية والتعريض فى القرآن. يقول مفرقا بين الكناية والتعريض فإن قلت : أى فرق بين الكناية والتعرض؟ قلت : الكناية : أن تذكر الشيء بغير لفظه الموضوع له كقولك : طويل النجاد والحمائل ، لطول القامة ، وكثير الرماد
__________________
(١) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ٢ / ٣٩٢.
(٢) نفس المصدر ـ ١ / ١٧.
(٣) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ٢ / ٢٠٠.
(٤) نفس المصدر ـ ٢ / ٤٧٨.