ومن استعمالات الالتفات ما يرمى إلى غاية التفخيم والتعظيم مثل الآية (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ، لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً) [النساء ـ ٦٤]. (١)
وعرض الزمخشرى لأسلوب الوصل والاستئناف فى القرآن ، ورأى أن الاستئناف أقوى من الوصل بحرف الوصل ، وذلك عند تفسيره لآية (يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) (٢) [هود ـ ٩٣].
ويتنبه الزمخشرى إلى ايحاءات الألفاظ وما تلقيه من ظلال معنوية ونفسية ، فتراه يقف عند الآية (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) [البقرة ـ ٢٣٣] قائلا : فان قلت : كيف قيل بولدها وبولده؟ قلت : لما نهيت المرأة عن المضارة أضيف إليها الولد استعطافا ـ عليه ، وأنه ليس بأجنبى منها ، فمن حقها أن تشفق عليه وكذلك الوالد (٣). ويشير إلى ما بين لفظتى (كسبت) و (اكتسبت) من فروق فى الآية (لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة ـ ٢٨٦] قائلا : فإن قلت : لم خصّ الخير بالكسب والشر بالاكتساب؟ قلت : فى الاكتساب اعتمال ، فلما كان الشر مما تشتهيه النفس وهى منجذبة اليه وأمّارة به كانت فى تحصيله أعمل وأجد ، فجعلت لذلك مكتسبة فيه ولما لم تكن كذلك فى باب الخير وصفت بما لا دلالة فيه على الاعتمال (٤) ويستعرض غيرها من الألفاظ ذات الدلالات العميقة فى النفس الانسانية كحديثه عن (طبن) و (شىء) فى آية (وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً) (٥) [النساء ـ ٤] وشرحه آية (لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ) [المائدة ـ ٦٣] مستشفى المعانى
__________________
(١) نفس المصدر ـ ١ / ٢١٣.
(٢) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٤٥٣ و ٤٥٤.
(٣) نفس المصدر ـ ١ / ١١٢.
(٤) نفس المصدر ـ ١ / ١٣٤.
(٥) نفس المصدر ـ ١ / ١٩٠.