الآيات الأولى من سورة الروم (١) والآيات الثامنة والعشرين من سورة الفتح (٢).
المبحث البلاغى عند الزمخشرى :
أما الشق الثانى عند الزمخشرى فى إعجاز القرآن فهو النظم يقول عنه «النظم .. هو أمّ إعجاز القرآن ، والقانون الذى وقع عليه التحدى ، ومراعاته أهم ما يجب على المفسر» (٣) ويقول عن أسرار الجمال القرآنى «وهذه الأسرار والنكت لا يبرزها إلا علم النظم وإلّا بقيت محتجبة فى أكمامها» (٤).
وقد أقبل الزمخشرى على الدراسات البلاغية يعب منها وينهل ، فتمثلها تمثلا جعله يؤمن بأن المعرفة بالبلاغة وأنماطها وأساليبها لا تكشف فقط عن وجوه الإعجاز البلاغى فى القرآن ، بل تكشف أيضا عن خفايا معانيه وخبيئاتها وذخائرها المكنونة يقول «أن أملأ العلوم ، بما يغمر القرائح وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح ، من غرائب نكت يلطف مسلكها ، ومستودعات أسرار يدق سلكها ، علم التفسير ، الذى لا يتم لتعاطيه ، وإجالة النظر فيه كلّ ذى علم ـ كما ذكر الجاحظ فى كتاب «نظم القرآن» ـ فالفقيه وأن برّز عن الأقران فى علم الفتاوى والأحكام ، والمتكلم وإن بزّ أهل الدنيا فى صناعة الكلام ، وحافظ القصص والأخبار وإن كان من ابن القرّية أحفظ (٥) والواعظ وإن كان من الحسن البصرى أوعظ (٦) ، والنحوى وان كان أنحى من سيبويه ، واللغوى وأن علك (٧) اللغات بقوة لحييه (٨) لا يتصدى منهم أحد لسلوك تلك الطرائق ، ولا يغوص على
__________________
(١) نفس المصدر ـ ٢ / ١٨٤. والآيات [الم ، غلبت الرّوم ، فى أدنى الأرض ، وهم من بعد غلبهم سيغلبون] [الروم ، ١ ـ ٣].
(٢) نفس المصدر ـ ٢ / ٣٨٧. وهى قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) [الفتح ـ ٢٨].
(٣) نفس المصدر ـ ٢ / ٢٤.
(٤) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ٢ / ٣٠٢.
(٥) ابن القرية : أحد فصحاء العرب ، واسمه أيوب ، والقرية : اسم أمه ، وهى فى الأصل ، حويصلة الطائر ـ كان من الحفاظ ـ نقل الكتب القديمة إلى العربية ـ قتله الحجاج ، فقال عند القتل : لكل جواد كبوة ، ولكل شجاعه نبوة ، ولكل حكيم هفوة ، فصارت أمثالا.
(٦) من أكابر التابعين ، لقى عليا عليهالسلام.
(٧) علت : ضبط وأتقن.
(٨) اللحيان : منبت اللحية.