المتشابه إلى المحكم ليخضع تفسيرها للرأى الاعتزالى (١) ومثل هذا فعل القاضى عبد الجبار فى كتابه «متشابه القرآن».
وقد اعتنى الأستاذ الدكتور مصطفى الجوينى فى كتابه (منهج الزمخشرى فى تفسير القرآن) بتعيين الأصول الخمسة فى الكشاف من خلال تفسير الزمخشرى للقرآن الكريم (٢).
والقرآن معجز عند الزمخشرى لصدقه فى الأخبار عن الغيوب (٣).
فعند ما يشرح الآيتين (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) [البقرة ـ ٢٣ و ٢٤] يشرح عندهما ، لم كانت الأخبار عن الغيوب معجزة. يقول : فإن قلت من أين لك أنه إخبار بالغيب على ما هو به حتى يكون معجزة؟ قلت : لأنهم لو عارضوه بشيء لم يمتنع أن يتواصفه الناس ويتناقلوه ، وخفاء مثله فيما عليه مبنى العادة محال ، ولا سيما والطاعنون فيه أكثف عددا من الذّابّين عنه ، فحين لم ينقل ، علم أنه أخبار بالغيب على ما هو به ، فكان معجزة (٤).
ثم يومئ الزمخشرى إلى الآى التى أخبرت بغيب ... مثلا الآيتين (قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ ، فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ، وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) [البقرة ـ ٩٤ و ٩٥] من المعجزات لأنه إخبار بالغيب ، وكان كما أخبر به كقوله (ولن تفعلوا) (٥) ويقول فى الآية (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) [الحجر ـ ٩١] وهو من الإعجاز ، لأنه إخبار بما سيكون وقد كان (٦) ويقول فى الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) [المائدة ـ ٥٤] وهو من الكائنات التى أخبر عنها فى القرآن قبل كونها (٧) وكذا فى حديثه عند تفسير
__________________
(١) نفس المصدر ـ ١ / ٣٦ و ١٣٦ غيرهما.
(٢) الدكتور مصطفى الجوينى ـ منهج الزمخشرى فى تفسير القرآن ـ من ١٠٩ إلى ١٥٤.
(٣) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ٢ / ٣٨٥ و ١ / ٤٢٤ و ١ / ٤٣٧.
(٤) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ٤٢٨.
(٥) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٦٧.
(٦) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٥٢٠.
(٧) الزمخشرى ـ الكشاف ـ ١ / ٢٦٢.