ويتلخص نقد
الباقلانى فى أن الجاحظ :
أولا : يستعين بكلام غيره للتطويل.
ثانيا : لا يحتوى نثره على نظم بديع أو كلام مليح.
ثالثا : قد جاذبه بعض الكتاب طريقته فتفوقوا عليه.
والعجيب أن يعلن
الباقلانى هذا وكتابه متخم بنقول من كتب متداولة ، وغيرها. فنجد نقولا من ابن
المعتز فى «البديع» وقدامة بن جعفر فى «نقد الشعر» وعن الجاحظ ، نقل نقولا مصرّحا باسمه مرة وفى أخرى تدل بنفسها على مصدرها وثالثة حين تحدث عن الجن والشعراء الذين تحدثوا عن الغيلان
، وقصصهم معها ، تلك التى تناقلها الرواة ، وهنا نجد كتاب الحيوان للجاحظ .
فإن كان التطويل
عيبا فقد اشترك فى العيب مع الجاحظ.
ودعوى الباقلانى
فى نثر الجاحظ دعته إليها العصبية ، وهى أوضح من أن تناقش ، وأما عن بعض الكتاب
الذين جاذبوا الجاحظ فى أسلوبه ، فهم تلاميذ تابعون ، وليس المأموم كالإمام ولا
التلميذ كالأستاذ.
والباقلانى لم
ينقل من الجاحظ فقط ، بل أنى أذهب إلى أنه كان متأثرا بالجاحظ فى أسلوبه أيضا ،
وإذا عدنا إلى عرض الباقلانى لفكرته وإطالته واستدارته حول معناه الذى قصد
واستقصائه لفكرته وبخاصة فى ص ١٢٤ و ١٢٥ ، وغيرهما من صفحات ، سنجد هذا الأثر
المتصل بالجاحظ ، أو هذا الإعجاب فى أقل التقدير.
ولا أريد أن أخرج
إلى هذا الطريق ـ فليس مجالنا ـ إنما أقول إن رأى الباقلانى فى إعجاز القرآن لا
يبعد كثيرا ـ فى بعض تكوين هذا الرأى ـ عن رأى الجاحظ فى الإعجاز. فالمعروف أن
الوجه الثالث من وجوه إعجاز القرآن
__________________