الباقلانى ، وفى كونه قدّم جهدا جادا ، ومحاولة لها قيمتها وأثرها فى الإعجاز ، وما من محاولة إلا ولها وعليها.
وهو ـ متكلما أشعريا ، التقى بالمعتزلة ، فى نقطة خلاف ، التقى بالجاحظ فهاجمه ، والتقى بالرمانى فنقض رأيه فى الإعجاز.
الباقلانى والجاحظ والرمانى :
الملاحظ أن هناك أكثر من رابط يجمع الباقلانى بالجاحظ والرمانى ، فثلاثتهم متكلمون نافحوا عن حومة الاسلام ، وثلاثتهم تركوا مؤلفات فى إعجاز القرآن لها شأنها ، ثم ، الباقلانى أشعرى ، والآخران معتزليان ـ والأشاعرة كانوا معتزلة فى بدء أمرهم ـ بالإضافة إلى هذا ، أن الباقلانى كتب كتابا فى إعجاز القرآن ، نقد فيه الجاحظ ، كما نقد فيه الرمانى.
أولا : الباقلانى والجاحظ :
فى الصفحة السادسة من كتاب إعجاز القرآن. يقول الباقلانى وقد صنّف الجاحظ فى نظم القرآن كتابا لم يزد فيه على ما قاله المتكلمون قبله ، ولم يكشف عما يلتبس فى أكثر هذا المعنى».
والباقلانى يقصد بهذا كتاب الجاحظ الذى حدثنا عنه فى كتابه خلق القرآن قائلا : «اجتهدت فيه نفسى وبلغت منه أقصى ما يمكن مثلى فى الاحتجاج للقرآن ، والرد على كل طعّان ، فلم أدع فيه مسألة لرافضى ولا لحديثى ولا لحشوى ولا لكافر مباد ولا لمنافق مقموع ولا لأصحاب النظام ، ولمن نجم بعد النظام ، ممن يزعمون أن القرآن خلق وليس تأليفه بحجة ، وأنه تنزيل وليس ببرهان ولا دلالة» (١) وعن نفس الكتاب يقول الخياط «ولا يعرف كتاب فى الاحتجاج لنظم القرآن وعجيب تأليفه ، وأنه حجة لمحمد صلىاللهعليهوسلم على نبوته غير كتاب الجاحظ» (٢).
__________________
(١) الجاحظ ـ خلق القرآن ٣ / ٢٨٧ ط هارون.
(٢) الخياط ـ الانتصار ـ ١٥٤ و ١٥٥.