وبهذا يختتم الباقلانى مجهوده القيم فى كتابه «إعجاز القرآن» ويرى الدكتور شوقى ضيف فى الباقلانى أنه «أول من هاجم فى قوة إعجاز القرآن عن طريق تصوير ما فيه من وجوه البديع وأيضا ، وجوه البلاغة التى أحصاها الرمانى ، ومن هنا تأتى أهميته ، إذ أعد للبحث عن أسرار فى نظم القرآن من شأنها ـ حين توضح توضيحا دقيقا ـ أن تقف الناس على إعجازه ـ ثم يقول ـ وأن كنّا نلاحظ فى الوقت نفسه ، أنه لم يستطع أن يصور شيئا من هذه الأسرار ، إذ ظلت الفكرة عنده غامضة ، وظلت مستورة فى ضباب كثيف (١).
وهذا صحيح ، ولكن هناك وقفات طيبة للباقلانى فى بيان إعجاز القرآن التفت لها وفصّل القول فيها.
منها كلامه عن : التأثير النفسى للقرآن.
وعن : قوة التعبير القرآنى وصدقه لصدوره عن الله سبحانه.
وعن : الوحدة الفنية فى القرآن.
يقول الباقلانى «فالقرآن أعلى منازل البيان ، وأعلى مراتبه ، ما جمع وجوه الحسن وأسبابه وطرقه وأبوابه : من تعديل النظم وسلامته وحسنه وبهجته .. ، وإذا علا الكلام فى نفسه ، كان له من الوقع فى القلوب والتمكن فى النفوس ما يذهل ويبهج ويقلق ، ويطمع ويؤيس ، ويضحك ويبكى ، ويحزن ويفرح ، ويسكن ويزعج ، ويشجى ويطرب ، ويهز الأعطاف ، ويستميل نحوه الأسماع ، ويورث الأريحية والعزة ، وقد يبعث على بذل المهج والأموال شجاعة وجودا ، ويرمى السامع من وراء رأيه بعيدا ، وله مسالك فى النفوس لطيفة (٢) ومداخل إلى القلوب دقيقة».
والجانب النفسى ، هو الجانب الذى يجب أن يأخذ مكانه فى دراسات إعجاز القرآن ، ويجب ألا يعتبر جزأ من جوانب ، لأنه قائم بذاته له حيز بعينه فى إعجاز القرآن.
__________________
(١) الدكتور شوقى ضيف ـ البلاغة تطور وتاريخ ـ ١١٤.
(٢) الباقلانى ـ إعجاز القرآن ـ ٢٧٦ و ٢٧٧ وانظر القصة التى يتمثل بها على صدق الأثر النفسى ص ٢٧ و ٢٨.