هى الإيجاز والتشبيه والاستعارة والتلاؤم والفواصل والتجانس والتصريف والمبالغة وحسن البيان.
ولا يرى الباقلانى رأى الرمانى فى أن البلاغة تصلح أن تكون وجها من وجوه الاعجاز ، لأن البديع ، يمكن الوقوع عليه والتعمل له ، ويدرك بالتعلم ، فما كان كذلك فلا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن به ، وأما ما لا سبيل إليه بالتعلم والتعمل من البلاغات ، فذلك هو الذى يدل على إعجازه ، وهذا الفارق ـ الذى يفصل رأى الباقلانى عن رأى الرمانى ـ يشرحه الباقلانى قائلا «أننا إذا قلنا : ما وقع من التشبيه فى القرآن معجز ، عرض علينا من التشبيهات الجارية فى الأشعار ما لا يخفى عليك ، وأنت ترى فى شعر ابن المعتز من التشبيه الذى يشبه السحر ، وقد تتبّع فى هذا ما لم يتتبّع غيره ، واتّفق له ما لم يتّفق لغيره من الشعراء. وكذلك كثير من وجوه البلاغة ، قد بينا أن تعلمها يمكن ، وليس تقع البلاغة بوجه واحد منها دون غيره ، فإن كان أنما يعنى هذا القائل ـ يقصد الرمانى ـ أنه «إذا أتى فى كل معنى» يتفق فى كلامه بالطبقة العالية ، ثم كان ما يصل به كلامه بعضه ببعض ، وينتهى منه إلى متصرفاته ، على أتم البلاغة وأبرع البراعة ، فهذا مما لا نأباه ، بل نقول به ، إنما ننكر أن يقول قائل ، أن بعض هذه الوجوه بانفرادها ، قد حصل فيه الإعجاز ، من غير أن يقارنه بما يصل به من الكلام ، ويفضى إليه مثل ما يقول ، إن ما أقسم به وحده بنفسه معجز ، وأن التشبيه معجز ، وأن التجنيس معجز ، والمطابقة بنفسها معجزة ، فأما الآية التى فيها ذكر التشبيه ، فإن ادّعى إعجازها ، لألفاظها ونظمها وتأليفها ، فإنى لا أدفع ذلك ، وأصححه ، ولكن لا أدعى إعجازها لموضوع التشبيه ، وصاحب المقالة التى حكيناها ـ أى الرمانى ـ أضاف ذلك إلى موضع التشبيه ، وما قرن به من الوجوه (١).
وأخيرا ، لا يظن ظان أن فى كلام الرسول صلىاللهعليهوسلم ، قدرا من الإعجاز ، إذ هو مثل كلام البلغاء ، والذى بينه وبين كلام الفصحاء ، كقدر ما بين شعر الشاعرين وكلام الخطيبين فى الفصاحة وذلك مما لا يقع به الإعجاز (٢).
__________________
(١) الباقلانى ـ إعجاز القرآن ـ ٢٧٥ و ٢٧٦.
(٢) نفس المصدر ـ ٢٩١.