نِساءَهُمْ ، إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ») [القصص ـ ٤] هذه تشتمل على ست كلمات سناؤها وضياؤها على ما ترى ، وسلاستها وماؤها على ما تشاهد ، ورونقها على ما تعاين ، وفصاحتها على ما تعرف ، وهى تشتمل على جملة وتفصيل ، وجامعة وتفسير ، ذكر العلوّ فى الأرض باستضعاف الخلق بذبح الولدان وسبى النساء ، وإذا تحكّم فى هذين الأمرين فما ظنك بما دونهما؟ لأن النفوس لا تطمئن على هذا الظلم ، والقلوب لا تقرّ على هذا الجور (١).
وإذا قال قائل للباقلانى ، لما ذا تحاملت على امرئ القيس هكذا ، ورأيت أن شعره بين اللين والشراسة ، وبين اللطف والشكاسة ، والبحترى يسبق فى هذا الميدان ، ويفوت الغاية فى هذا الشأن ... وكذلك لأبى نواس من بهجة اللفظ ودقيق المعنى ما يتحير فيه أهل الفضل؟ يجيبه الباقلانى بدراسة أخرى للبحترى ـ ذلك الذى يفضّله الكتاب على أهل دهره ويقدمونه على من فى عصره ، ومنهم من يدعى له الإعجاز غلوا ـ يستدير إليه الباقلانى ، بعد أن يكمل هجماته على امرئ القيس بأخرى مثلها ، وبعدها ، يتعرض لأبى نواس ويذكر سقطه ، ثم لا يجد ابن الرومى وأبا تمام أهلا لدراسته ، لذا تركهم وتفرغ لقصيدة البحترى :
أهلا بذلكم الخيال المقبل |
|
فعل الذى نهواه أم لم يفعل (٢) |
لينتهى بعد تحليلها إلى النتيجة نفسها وهى «هيهات ، أن يكون المطموع فيه ، كالمأيوس منه ، وأن يكون الليل كالنهار ، والباطل كالحق ، وكلام رب العالمين ككلام البشر (٣)».
ثم يعرض الباقلانى لوصف وجوه من البلاغة ، قد ذكرها ـ على حد قوله ـ بعض أهل الأدب والكلام (٤) ـ ويقصد به معاصره المعتزلى أبا الحسن الرمانى صاحب «النكت فى إعجاز القرآن» ـ ويذكر الباقلانى أنها على عشرة أقسام
__________________
(١) الباقلانى ـ إعجاز القرآن ـ ١٩٣.
(٢) نفس المصدر ـ
(٣) نفس المصدر ـ ٢١٩.
(٤) نفس المصدر ـ ٢٦٢.