طغيانهم وكفرهم ، وكيف يعصون الله ، ويبقون أقوياء في مواجهتهم له في ما يأمرهم به أو ينهاهم عنه؟ وكيف نفسّر القدرة المطلقة لله التي لا يعجزها شيء وقدرة هؤلاء المضادّة الممتدّة في الحياة؟
لقد جعل الله للحياة نظاما ثابتا تخضع له كل الظواهر الكونية والإنسانية في حركتها ، فلم يجعل العقاب مرتبطا بالعمل ارتباط المعلول بالعلة ، من دون أيّ فاصل زمنيّ بينهما ، بل جعل له موعدا نهائيا في اليوم الآخر ، لتتحرك تجربة الانحراف إلى جانب تجربة الاستقامة ، وليدور الصراع بينهما ، فيغلب هذا تارة وتغلب تلك أخرى ، لتتحرك القناعة من خلال الفكر المتحرك بين التجربتين ، وينطلق الموقف من خلال الإرادة المنطلقة مع الموقفين ، لأن لله حكمته في أن تعيش الحياة غنى التجربة الإنسانية في الصراع بشكل عميق ومتحرك.
* * *
تأجيل الله عقاب المسيئين
(وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا) من الفكر السيئ على المستوى العقيدي ، أو من الكلام المسيء إلى البلاد والعباد أو من سيئات العمل ، بما يمارسون من فساد على المستوى الفردي والجماعي في كل المجالات الإنسانية المتنوعة في الواقع ، (ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ) من كل ما يدب على الأرض من أنواع الإنسان من ذكر أو أنثى ، لأنهم يستحقون ذلك بسبب خطورة المعصية التي ارتكبوها ، وهي التمرّد على الله خالق السماوات والأرض.