الخضوع لعظمة الله
والله هو القادر على كل شيء والغني عن كل أحد ، والمتعالي على كل ذلك ، والمحيط بكل شيء حي علمه. من هنا تلتقي دعوة الحق التي يحملها الأنبياء بالتوحيد المطلق لله الذي يجعله الرب والملاذ والمرجع في كل شيء ، في الفكر والعاطفة والحياة وفي الشريعة والمنهج والطريق ، فلا إله إلا هو ، ولا فكر إلا وحيه ، ولا شريعة إلا شريعته ، ولا حياة إلا الحياة التي تنطلق من هداه وتلتقي برضاه. (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) ويعبدون غيره ، مما سولت لهم أنفسهم اعتبارهم شركاء لله لضعف يعتري أنفسهم ويسحقهم أمام مظاهر القوة التي يملكها أولئك الشركاء الوهميون. إنه الباطل الذي لا ينطلق من أساس ثابت ، ولا يحقق لدعاته أو للسائرين معه أية حماية أو رعاية ، فهؤلاء الرموز من الشركاء (لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) في أي مطلب يتقدمون به ، فليس مثلهم في ذلك (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) دون أن يرفعهما إلى فمه ، (وَما هُوَ بِبالِغِهِ) نتيجة المسافة بين موقع الماء وموقع فمه ، فلا يكون لهم من الطلب إلا صورته فقط دون أية نتيجة إيجابية ، تماما كما هو حال صاحب المثل الذي يطلب الري بعيدا عن أسبابه الطبيعية. (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ) في التزامهم بعبادة هؤلاء الشركاء (إِلَّا فِي ضَلالٍ) ، لأنه لا يتلقي بالجانب المشرق الذي يهتدي به الناس إلى سواء السبيل.
* * *
ولله يسجد ما في السموات والأرض طوعا وكرها
(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) بما يمثله السجود من الخضوع المطلق