والخلاف الثاني : مع البصرية من القدرية في قولهم إن إرادة الله حادثة لا في
محل. وقد مضى أيضا دليل فساد قولهم.
والخلاف الثالث : مع الكرّامية في قولها إنّ إرادة الله حادثة في ذاته. وقد
دللنا على استحالة كونه محلا للحوادث.
والخلاف الرابع : مع القدرية البصرية في قولهم إنّ الله قد يريد ما لا يكون
وقد يكون ما لا يريد. وهذا يوجب كونه مقهورا على [مراده] ما كرهه ولأنهم وافقونا
على أنه لو أراد من فعل نفسه شيئا فلم يكن ، يلحقه النقص والضعف كذلك إذا أراد من
غيره ما لا يكون يلحقه النقص كما لو وقع من فعله ما لا يعلمه لحقه النقص كذلك إذا
وقع من غيره ما لا يعلمه ، لحقه النقص. وعلى العكس من هذا لما جاز أن يقع من غيره
ما لم يأمر به جاز أن يقع أيضا من فعله ما لم يأمر به. فإن قالوا لو أراد السفه
لكان سفيها لأن مريد السفه منا سفيه. قيل مريد الطاعة منا مطيع ولا يجب أن يكون
الله مطيعا وإن أراد الطاعة كذلك مريد السفه منا سفيه ولا يجب أن يكون هو سفيها
بإرادة السفه. فإن قيل فكيف يجوز أن يأمر الحكيم بما لا يريده [قيل قد صح ذلك ونطق
به القرآن عندنا كما أمر الخليل عليهالسلام بذبح ابنه ولم يرده منه وأمر إبليس بالسجدة لآدم ولم يرد
منه ذلك ووجدنا] في الشاهد أمثلة : منها إنا لو رأينا حكيما يضرب مملوكا له وادعى
أنه إنما ضربه لأنه لا يطيعه في أمره وادعى المضروب أنه مطيع له في كل ما يأمره به
فأراد السيد تصديق نفسه فأمره بشيء لا يريده فإنه لا يريد منه ما أمره به لأن ذلك
يوجب تكذيبه نفسه ويكون حكيما في أمره إياه بما لا يريده.
المسألة السابعة من
هذا الأصل
في تفصيل مراداته
أطلق أصحابنا القول بأن الحوادث كلها بمشيئة الله عزوجل واختلفوا في التفصيل : فقال [شيخنا أبو محمد] عبد الله بن
سعيد أقول في الجملة إنّ الله أراد حدوث الحوادث كلها خيرها وشرها ولا أقول في
التفصيل إنّه أراد المعاصي وإن
__________________