ومنهم من قال إنّ الأعراض حوادث إلا أنه [لا] حادث منها إلا وقبله حادث ولا حركة إلا وقبلها حركة أو سكون ولا سكون إلا وقبله حركة (١) وزعم آخرون منهم أن الأعراض قديمة في الأجسام غير أنّها تكمن في الأجسام وتظهر فإذا ظهرت الحركة في الجسم كمن السكون [فيه] وإذا ظهر السكون [فيه] كمنت الحركة [فيه] وكذلك كل عرض ظهر كمن ضده في محله. والكلام على الأزلية وأهل الهيولى يأتي بعد هذا في الفصل الذي يلي هذا الفصل. فقلنا لأصحاب الكمون والظهور لو كان العرض يظهر ويكمن لوجب أن يكمن بعد ظهوره لمعنى يقوم به (٢) وهذا يؤدي إلى قيام عرض بعرض وذلك محال فما يؤدي إليه مثله. وإذا استحال ذلك استحال الظهور والكمون على الأعراض فصح أنها كلها حوادث في الأجسام.
المسألة العاشرة من الأصل الثاني
في استحالة تعري الأجسام من الأعراض
ذهب شيخنا أبو الحسن الأشعري إلى استحالة تعري الأجسام من الألوان والأكوان والطعوم والروائح. وقال لا بد أن يكون في كل جوهر لون وكون وطعم ورائحة وحرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة وحياة أو ضدها وإذا وجد في حالين فلا بد من وجود بقاء فيه في كل حال بعد حال حدوثه. وزعم الكعبي [وأتباعه من القدرية] أن الجوهر يجوز تعريه عن الأعراض كلها إلا من اللون. وزعم أبو هاشم وأتباعه من القدرية أن الجوهر في حال حدوثه يجوز تعريه من الأعراض كلها إلا من الكون وكل عرض حدث فيه بعد الكون فإنه لا يخلو منه بعد حدوثه إلا بضده.
__________________
(١) [وهذا قول طائفة أزلية الدهرية].
(٢) [لأن الموجود إذا تغير عليه الوصف تغير عليه الوصف في ذاته لمعنى قام به فإن اجابوا الى ذلك لزمهم إجازة قيام عرض بعرض وهذا خلاف أصولهم ، وإذا بطل الظهور والكمون في الاعراض وصح تغير الأجسام بها من حال الى حال وبطل انتقال العرض من جسم الى جسم لاستحالة قيام الانتقال والحركة بالعرض صح ان قيام العرض بالجوهر إنما هو حدوثه فيه ، وصح بهذا الدليل حدوث جميع الأعراض].