وزعم الصالحيّ وأتباعه من القدرية : أنه يجوز وجود الجوهر خاليا من الأعراض كلّها. وزعم المعروف منهم بابن المعتمر أنّ الجوهر الواحد لا يحتمل الأعراض فإذا اجتمعت ثمانية أجزاء وصارت جسما أحدثت في أنفسها الأعراض طباعا. وزعم أصحاب الهيولى أن هيولى العالم كان شيئا واحدا خاليا من الأعراض ثم حدثت فيه الأعراض [فتجانست وتنوعت واختلفت الأجزاء] فتركب منها العالم عند حدوث الأعراض فيها. فيقال لهم هل كانت الهيولى في الأصل جوهرا واحدا أو جواهر؟ فإن قالوا كانت جوهرا واحدا قيل فكيف صارت بحدوث الأعراض فيه جواهر كثيرة وحدوث العرض في الشيء إنما يغير صفته ولا يزيد في عدده. وإن قالوا كانت الهيولى قبل حدوث الأعراض فيها جواهر وأشياء قيل الجواهر لا يخلو من اجتماع وافتراق وهما عرضان. وفي هذا بطلان قولهم بتعريها من الأعراض. [وقيل أخبرونا كيف حدثت الأعراض في الهيولى فإن زعموا أنّها حدثت فيها بنفسها قيل كيف يحدث الشيء بنفسه وإن قالوا حدثت فيها بقوة لها أثبتوا في الهيولى قوة قبل حدوث الأعراض ونقضوا قولهم بتعري الهيولى عن الأعراض فإن قالوا بصانع أحدث الأعراض في الهيولى قيل فاعل العرض بالجسم إنما يغير بالعرض صفة الجسم ولا يجعل الجسم الواحد جسمين وقيل لهم أيّ العرضين أسبق إلى الهيولى ، الاجتماع أو الافتراق؟ فإن زعموا أن الافتراق يسبق إليها وجب كونها قبل ذلك مجتمعة الأجزاء حتى تفترق بالافتراق وفي هذا بطلان قولهم أن الهيولى لم تكن مجتمعة ولا مفترقة قبل حدوث الأعراض فيها فإن استدلوا] و[إن] استدل أهل الهيولى على إثبات الهيولى بأن قالوا لم نجد حادثا حدث إلا من أصل له ولم نجد في الشاهد فاعلا فعل شيئا إلا من شيء كالخاتم المصوغ من (١) الفضة أو الذهب والباب المصنوع من الخشب والثوب من القطن ونحو ذلك فيقال لهم إن الصانعين في الشاهد لا يصنعون أجساما وإنما أفعالهم أعراض وكل عرض يحدث في الشاهد لا من أصل له [وقلنا للهاشمية والكعبية إذا أجزتم تعرّي الجواهر من جميع الأعراض إلا من الألوان أو من الأكوان في الابتداء وإن استحال تعريها منها بعد
__________________
(١) وردت في المطبوع «في».