نكاحهم وذبائحهم والصلاة عليهم. وأجمع أصحابنا على أن أهل الأهواء لا يرثون من أهل السنة. واختلفوا في ميراث السنّيّ منهم : فمنهم من قطع التوارث من الطرفين وبه قال الحارث المحاسبي ولذلك لم يأخذ ميراث والده لأن والده كان قدريا. ومنهم من رأى توريث السني منهم وبناه على قول معاذ بن جبل : إنّ المسلم يرث من الكافر وإنّ الكافر لا يرث من المسلم. على قول أبي حنيفة : يرث السني من المبتدع الضال ما اكتسبه قبل بدعته ، كما قال في المسلم : يرث من المرتد ما اكتسبه قبل ردته ويكون كسبه بعد الردة فيئا للمسلمين. وعلى قول الشافعي يكون مال الزنديق وكل كافر ببدعة فيئا فيه الخمس. وقال مالك إنّه فيء ولا خمس فيه. وأما قبول شهادة أهل الأهواء فقد اختلفوا فيه : فردّها مالك وأشار الشافعي وأبو حنيفة إلى قبولها ، سوى الخطابية التي ترى شهادة الزور ، ثم إنّ الشافعي وقف على كفر غلاة الروافض فأشار في كتاب القياس إلى رجوعه عن قبول شهادة أهل الأهواء. وأوجب أصحاب الشافعي ومالك وداود وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إعادة صلاة من صلى خلف القدري والخوارج [والخارجي] والرافضي وكلّ مبتدع تنافي بدعته التوحيد. وروى هشام بن عبيد الله عن محمد بن الحسن : أن من صلى خلف من يقول بخلق القرآن يعيد الصلاة. وقال أبو يوسف القاضي في المعتزلة إنّهم زنادقة. وكل من لا يجوز الصلاة خلفه لا يجوز الصلاة عليه إذا مات. وهذه جملة كافية في هذا الباب.
المسألة الخامسة عشرة من هذا الأصل
في حكم دور أهل الأهواء
كل دار غلب عليها بعض الفرق الضالّة ينظر فيها فإن كان أهل السنة فيها ظاهرين يظهرون السنة بلا خفير ولا جوار من مجير ولا خوف على النفس والمال فهي دار إسلام. واللقيط فيها حر مسلم لا يسترق ويجب تعريف اللقطة فيها. وإن لم يقدر أهل السنة على إظهار الحق إلّا بجوار أو مال يبذلونه فهي دار حرب وكفر. واللقيط فيها كاللقيط في دار الحرب وما يوجد فيها فهو فيء يخمس. واختلف