المسألة الثانية من هذا الأصل
في بيان حكم الذين تقبل منهم الجزية
هؤلاء أصناف منهم الصابئة وهم فرق :
إحداها فرقة من اليونانية قالت بحدوث العالم وإثبات صانعه وأنه لا يشبه شيئا وزعموا أن الصانع خلق الفلك حيّا ناطقا سميعا بصيرا مدبّرا للعالم وسمّوا الكواكب ملائكة. وفرقة منهم قالت بحدوث العالم وتوحيد الصانع ولم يصفوه بأوصاف الإثبات ووصفوه بنفي النقائص عنه فقالوا : لا نقول إنّه حيّ عالم قادر ولكن نقول : إنه ليس بميت ولا جاهل ولا عاجز. وزعم هؤلاء أن هرمس المنجم كان نبيا وقالوا بثلاث صلوات مفروضة في كل يوم منها ثماني ركعات في كل ركعة ثلاث سجدات قبل زوال الشمس ومثلها عند غروب الشمس. وأوجبوا الوضوء للصلاة وأوجبوا صيام ثلاثين يوما أولها لثمان مضين من أذار وذبحوا من ذوات الأربع الذكور من البقر والضأن والمعز ومن سائر ذوات الأربع غير الجزور ما ليس له أسنان في الشّدقين ومن الطير ما ليس له مخلب ولا يذبحون ما لا رئة له وحرّموا لحم الخنزير والكلب والحمار والجزور والحمام وما له مخلب وحرموا المسكر من الشراب وحرموا الاختتان وأوجبوا الغسل من الجنابة ومن مس الميت والحائض وأوجبوا مجانبة الأبرص والمجذوم وكل ذي عاهة تعدى وقالوا لا طلاق إلا بحكم حاكم أو بينة عن فاحشة ولا يرون رجعة ولا جمعا بين امرأتين. وفرقة منهم بناحية واسط العراق دينهم خلاف دين صابئة حران في أكل الخنزير وفي صلاتهم إلى القطب الشمالي والحرانية تصلي والقطب وراءها. وزعمت الواسطية أنهم على دين شيث بن آدم وإنّ صحفه معهم فهؤلاء أصناف الصابئة عند الجمهور. وزعمت اليزيدية من الخوارج أن الصائبة المذكورة في القرآن لم يوجدوا بعد وأنّ الله يبعث رسولا من العجم وينزل عليه كتابا من السماء جملة واحدة ويكون دينه دين الصابئة وينسخ بها شريعة محمد صلىاللهعليهوسلم وهؤلاء عندنا أكفر من الصابئة الأصلية. والصنف الثاني من أهل الجزية : اليهود وهم اليوم فرق : عنانية وربانية وسامرة وشاذانية.