المسألة الرابعة عشرة
من هذا الأصل
في حكم الخوارج
والحكمين
زعمت الخوارج أن
تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص كان كفرا من عليّ ومعاوية وإن الحكمين كفرا بما
صنعا. واختلف هؤلاء فيما بينهم : فمنهم من قال إنّ كفر عليّ والحكمين كفر شرك وهذا
قول الأزارقة منهم. ومنهم من قال إنّ ذلك كفر نعمة وليس بشرك وهذا قول الأباضية
منهم. واختلفت الرافضة في ذلك : فمنهم من قال أصاب عليّ وكفر الحكمان بالتبديل.
ومنهم من قال أخطأ عليّ ولم يفسق بخطئه. وقال إبراهيم النظّام وبشر بن المعتمر
بتصويب عليّ وهلاك الحكمين بالفسق والفاسق عندهما لا مؤمن ولا كافر وهو مخلد في
النار. وقال الجبّائي بصحة توبة أبي موسى. وزعم الأصم أن أبا موسى أصاب في خلع
عليّ حتى يجتمع الناس على إمام. وقال أصحابنا في تصويب علي في قتاله وفي التحكيم
وقالوا بتخطئة الحكمين إلا أن خطأ أبي موسى من وجه واحد وهو خلعه عليّا مع علمه
بأنه أفضل أهل زمانه. وخطأ عمرو بن العاص من وجهين : أحدهما في خلعه عليّا ،
والثاني : في عقده الخلافة لمعاوية. وقالوا بتكفير الخوارج في تكفيرهم عليّا
وأصحابه وفي تكفيرهم أصحاب الذنوب كلها. فأما اعتلالهم في تكفير عليّ رضي الله عنه
بأنه رضي بالحكمين في حق له فليس ذلك بأعظم من أمر الله تعالى بإخراج حكمين في
الشقاق بين الزوجين وأمره بالرجوع إلى حكم ذوي عدل في جزاء الصيد. وقد قالت.
الخوارج لعليّ : إنّا قاتلنا معك يوم الجمل فلما ظفرنا منعتنا عن سبي النساء
والذرّية فقال : أيكم كان يأخذ عائشة في سهمه فسكتوا فقال لهم : إن النساء والذرية
كانوا على أصل الفطرة ولم يرتدوا ولم يقاتلوا وبمثل هذا يفسد جميع شبه الخوارج على
ذلك.