المسألة الخامسة عشرة من هذا الأصل
في جواز إمامة المفضول
اختلفوا في جواز إمامة المفضول بعد أن يكون صالحا لها لو لم يكن الأفضل منه موجودا. فقال أبو الحسن الأشعري : يجب أن يكون الإمام أفضل أهل زمانه في شروط الإمامة ولا تنعقد الإمامة لأحد مع وجود من هو أفضل منه فيها. فإن عقدها قوم للمفضول كان المعقود له من الملوك دون الأئمة. ولهذا قال في الخلفاء الأربعة : أفضلهم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي. واختار شيخنا أبو العباس القلانسي جواز عقد الإمامة للمفضول إذا كانت فيه شروط الإمامة مع وجود الأفضل منه. وبه قال الحسين بن الفضل ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأكثر أصحاب الشافعي رضي الله عنه. ولم يختلف هؤلاء في تقديم أبي بكر وعمر على سائر الصحابة ولا في تفضيل أبي بكر على عمر. وإنما اختلفوا في عليّ وعثمان : فذهب الحسين بن الفضل وابن خزيمة إلى تفضيل عليّ ، وقال القلانسي في بعض كتبه : لا أدري أيهما أفضل. وقال النظّام والجاحظ إنّ الإمامة لا يستحقها إلّا الأفضل ولا يجوز صرفها إلى المفضول. وقال الباقون من المعتزلة الأفضل أولى بها ، فإن عرض للأمة خوف فتنة من عقدها للافضل جاز لهم عقدها للمفضول. واجتمعت الروافض على أنه لا يجوز إمامة المفضول إلا سليمان بن جرير الزيدي فإنه قال بإمامة عثمان ست سنين مع كون عليّ أفضل منه عنده. ودليل قول من أجاز إمامة المفضول مبني على صحة إمامة أبي بكر وعمر فإذا صحت إمامة عمر فقد قال في أهل الشورى : لو كان أبو عبيدة بن الجراح حيّا لولّيته عليكم ، مع علمه بأن عليّا أفضل منه. وفي هذا دليل على أن الصحابة كانوا يرون جواز إمامة المفضول.