أخبار أحاد من جهة الروافض وليست لهم معرفة بشروط الأخبار ولا رواتهم ثقات وبإزائها أخبار أشهر منها في النص على غير من يدّعون النص عليه وكل منها غير موجب للعلم. وإذا لم يكن فيه ما يوجب العلم صارت المسألة اجتهادية وصح فيها الاختيار والاجتهاد. فإذا صح لنا ثبوت الإمامة من طريق الاختيار فقد اختلف أهل الاختيار في عدد المختارين للإمام : فقال أبو الحسن الأشعري إنّ الإمامة تنعقد لمن يصلح لها بعقد رجل واحد من أهل الاجتهاد والورع ، إذا عقدها لمن يصلح لها ، فإذا فعل ذلك وجب على الباقين طاعته. وإن عقدها مجتهد فاسق أو عقدها العالم الورع لمن لا يصلح لها ، لم ينعقد تلك الإمامة كما أن النكاح ينعقد بولي واحد عدل ولا ينعقد بالفاسق عند هؤلاء. وقال سليمان بن جرير الزيدي وطائفة من المعتزلة أقل من يعقد الإمامة رجلان من أهل الورع والاجتهاد كعقد النكاح لا يثبت بأقل من شاهدين. وقال القلانسي ومن تبعه من أصحابنا تنعقد الإمامة بعلماء الأمة [بعلماء بلد الإمام] الذين يحضرون موضع الإمام وليس لذلك عدد مخصوص. فإن عقد الإمامة واحد أو جماعة لواحد وعقدها آخرون لآخر وكل واحد منهما يصلح لها صح العقد السابق فإن عقدا في وقت واحد أو لم يعرف السابق منهما استؤنف العقد لأحدهما أو لغيرهما والله أعلم.
المسألة الثامنة من هذا الأصل
في تعيين الإمام بعد النبي صلىاللهعليهوسلم
اختلفت الأمة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم وبعد الفتنة بقتل عثمان رضي الله عنه في تعيين الإمام بعد النبي صلىاللهعليهوسلم : فذهب الجمهور إلى تصحيح إمامة أبي بكر رضي الله عنه وعلى هذا مضى أئمة الجمهور إلى الأعصار. وزعمت طائفة من الراوندية أن الإمامة بعد النبي صلىاللهعليهوسلم كانت لعمّه العباس. وقالت الشيعة بإمامة عليّ بعده. ودليل من قال بإمامة أبي بكر ؛ أن الناس افترقوا في هذه المسألة ثلاث فرق : فرقة تقول بإمامة أبي بكر. وفرقة تقول بإمامة علي. وفرقة تقول بإمامة العباس ووجدنا عليّا والعباس قد بايعا أبا بكر وانقادا لأمره في كافة المسلمين وإن كانا قد توقّفا عن