وزعمت الكيسانية منهم أن محمد بن الحنفية هو الإمام المنتظر وأنه الآن محبوس في جبل رضوى عقوبة له على خروجه إلى يزيد بن معاوية وخروجه إلى عبد الملك بن مروان. وكيف يصح دعوى العصمة لمن يستحق العقوبة بزعمهم. والكلام مع غلاتهم في عصمة الإمام فضل مع قولهم بالتشبيه وبإلهية الأئمة. ثم لو اشترطت عصمة الإمام لاشترطت عصمة خلفائه وأعوانه ولو كان كل واحد منهم معصوما لاستغنوا عن إمام معصوم يقيمهم على منهج الصواب.
المسألة السابعة من هذا الأصل
في بيان ما يثبت به الإمامة للإمام
واختلفوا في طريق ثبوت الإمامة من نص أو اختيار : فقال الجمهور الأعظم من أصحابنا ومن المعتزلة والخوارج والنجارية أن طريق ثبوتها الاختيار من الأمة باجتهاد أهل الاجتهاد منهم واختيارهم من يصلح لها. وكان جائزا ثبوتها بالنص غير أن النص لم يرد فيها على واحد بعينه فصارت الأمة فيها إلى الاختيار. وزعمت الإمامية والجارودية من الزيدية والرّاوندية من العباسية أن الإمامة طريقها النص من الله تعالى على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم على الإمام ثم نص الإمام على الإمام بعده. واختلف هؤلاء في علة وجوب النص عليه ، فمنهم من بناه على أصله في إبطال الاجتهاد. ومنهم من بناه على أصله في وجوب عصمة الإمام. وزعم أن العصمة لا تعرف بالاجتهاد وإنما يعرف المعصوم بالنص. فأما البترية والجريرية من الزيدية فقد وافقوا الفريق الأول في الاختيار وإنما خالفوهم في تعيين الأولى بالإمامة. ودليل الجمهور أن النص على الإمام لو كان واجبا على الرسول صلىاللهعليهوسلم بيانه لبيّنه على وجه تعلمه الأمة علما ظاهرا لا يختلفون فيه ، لأن فرض الإمامة يعمّ الكافة معرفته كمعرفة القبلة وأعداد الركعات. ولو وجد النص منه هكذا لنقلته الأمة بالتواتر ولعلموا صحته بالضرورة كما اضطروا إلى سائر ما تواتر الخبر فيه. فلما كنا مع كثرة عددنا وزيادتنا على جميع فرق المدّعين للنص غير مضطرّين إلى العلم بذلك علمنا أن النص ، على واحد بعينه للإمامة ، لم يتواتر النقل فيه. وإنما روي فيه