العذر. وهذا قول
أبي الهذيل. وقال بشر بن المعتمر إنّ الحال الثانية حال فكر واعتبار وإنما يجب ذلك
عليه في الحال الثالثة. واعتبر الاسكافي وجعفر بن حرب وجعفر بن مبشر مهلة يمكن
فيها الاستدلال. وعلى أصول أصحابنا لا يجب على الطفل قبل بلوغه وتمام عقله شيء.
فإن أظهر طفل من أطفال المشركين كلمة الإسلام ومات عليه فقد قال أبو حنيفة : إنه
مات مسلما ، وقال أصحابنا أمره إلى الله لكنّا ندفنه في مقابر المسلمين ونحول بينه
وبين أبويه قبل موته لئلا يفتناه عن الدين ولكنا نجعل ماله لأبويه. ولو لم يمت
وبلغ واختار دين أبويه لم نجعله مرتدا وجعله أبو حنيفة مرتدا. وأجمع الفقهاء على
أن الطفل من أولاد المسلمين لو أظهر كلمة الردة لم يكن مرتدا فإن مات على ذلك ورثه
المسلمان من أبويه ودفن في مقابر المسلمين. واختلفوا في الطفل إذا كان أبواه
كافرين فأسلم أحدهما فقال أصحابنا : يصير مسلما بإسلام أحدهما وبه قال الشافعي
وأبو حنيفة. واعتبر مالك فيه دين أبيه كما اعتبر نسبه بأبيه.
المسألة السابعة من
هذا الأصل
في بيان من مات من
ذراري المشركين
اختلفوا فيهم :
فزعمت الكرّامية أن الأطفال كلهم مؤمنون بقولهم بلى في الذر الأول ومن مات منهم
قبل بلوغه دخل الجنة لإيمانه السابق. وزعمت الأزارقة من الخوارج أن أطفال المشركين
مشركون وأنّهم في النار مع آبائهم. وكذلك قالوا في أطفال مخالفيهم من أهل ملة
الإسلام. وقالوا في أطفال موافقيهم إذا ماتوا إنهم في الجنة. واختلف هؤلاء في
الطفل إذا مات في حال شرك أبويه ثم أسلم أبواه وصار موافقا لهم. فمنهم من قال يصير
تابعا لأبويه في الآخرة. ومنهم من قال يكون حكمه في الآخرة حكم المشركين لأنه مات
في حال شرك أبويه. وزعم قوم من العجاردة في الأطفال إن البراءة منهم واجبة قبل
البلوغ فإذا مات طفلا فقد مات على وجوب البراءة منه. وقالت الصلتية منهم بمثل ذلك
في أطفال موافقيهم. وقالت فرقة أخرى من العجاردة ليس للاطفال قبل البلوغ حكم إيمان
ولا حكم كفر ولا حكم ولاية ولا حكم عداوة. وقد ألزم هؤلاء أن لا ينزّلوهم إذا
ماتوا أطفالا جنة