المسألة الرابعة من هذا الأصل
في جواز الاستثناء في الإيمان
كل من قال في الإيمان بقول الخوارج أو القدرية أو المجسمة الكرّامية فإنه لا يستثني في الإيمان في الحال وإنما استثنى فيه في المستقبل. والقائلون بأن الإيمان هو التصديق من أصحاب الحديث مختلفون في الاستثناء فيه : فمنهم من يقول به ، وهو اختيار شيخنا أبي سهل محمد بن سليمان الصعلوكي وأبي بكر محمد بن الحسين بن فورك. ومنهم من ينكره وهذا اختيار جماعة من شيوخ عصرنا : منهم أبو عبد الله بن مجاهد والقاضي أبو بكر محمد بن الطيب الأشعري وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأسفرايني وكل من قال من أهل الحديث بأن جملة الطاعات من الإيمان قال بالموافاة وقال كل من وافى ربه على الإيمان فهو المؤمن ومن وافاه بغير الإيمان الذي أظهره في الدنيا علم في عاقبته إنه لم يكن قط مؤمنا. والواحد من هؤلاء يقول : أعلم أنّ الإيمان حق وضده باطل وإن وافيت ربي عليه كنت مؤمنا حقا فيستثني في كونه مؤمنا ولا يستثني في صحته إيمانه واستدلّوا بأن الله تعالى ما أمر بإيمان ينقطع وإنما أمر بإيمان يدوم إلى آخر العمر وإذا قطع القاطع إيمانه علم أنّ الذي أظهره قبل القطع لم يكن الإيمان المأمور به كما إن الصلاة التي يقطعها صاحبها قبل تمامها لا تكون صلاة على الحقيقة وإنما تكون صلاة إذا تمت على الصحة. وقد روي عن ابن أبي مليكة أنه قال : أدركت أكثر من خمسمائة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم كل منهم يخشى على نفسه النفاق لأنه لا يدري ما يختم له.
المسألة الخامسة من هذا الأصل
في إيمان من اعتقد تقليدا
قال أصحابنا : كل من اعتقد أركان الدين تقليدا من غير معرفة بادلتها ننظر فيه ، فإن اعتقد مع ذلك جواز ورود شبهة عليها وقال : لا آمن أن يرد عليها من الشّبه ما يفسدها فهذا غير مؤمن بالله ولا مطيع له بل هو كافر وإن اعتقد الحقّ ولم يعرف دليله واعتقد مع ذلك انه ليس في الشبه ما يفسد اعتقاده فهو الذي اختلف فيه