كافر حقا في الجنة كعمّار بن ياسر في حال ما أكره على كلمة الكفر لو مات فيه. واستدل من جعل جميع الطاعات إيمانا بظواهر الكتاب والسنة ، منها قول الله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) (١) أي صلواتكم إلى بيت المقدس ، فدل هذا على أن الصلاة إيمان. وفي آيات كثيرة دلالة على أن أصل الإيمان في القلب خلاف قول الكرّامية ، منها قوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٢) ، وقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (٣). وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : ليس الإيمان بالتحلّي ولا بالتمنّي ولكن ما وقر في القلب وصدّقه العمل. والدليل على أن المنافقين غير مؤمنين خلاف قول الكرّامية قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) (٤) وكان المنافقون يوادّون من حاد الله ورسوله ، فدل على أنّهم لم يكونوا مؤمنين. وقال : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) (٥) وفيه دليل على أن من لا هداية في قلبه فليس بمؤمن بربه. وفي رواية أهل البيت عن علي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان». وتواترت الرواية عنه صلىاللهعليهوسلم بأن (الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أعلاها شهادة أن لا إله إلّا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق). وقد استقصينا هذه المسألة في كتاب مفرد في الإيمان.
المسألة الثانية من هذا الأصل
في بيان حقيقة الطاعة والمعصية
قال أصحابنا : إن الطاعة هي المتابعة. واختلف المتكلمون في حقيقتها ؛
__________________
ـ المدينة حتى يأذن له النبي صلىاللهعليهوسلم توفي في ذي القعدة من السنة التاسعة للهجرة.
(١) سورة البقرة آية ١٤٣.
(٢) سورة الحجرات آية ١٤.
(٣) سورة المائدة آية ٤١.
(٤) سورة المجادلة آية ٢٢.
(٥) سورة التغابن آية ١١.