وأصحاب اليمين ،
وأصحاب الشمال. فالسابقون : هم الذين يدخلون الجنة من أطفال المؤمنين والسقط ومن
جرى مجراه. ومنهم سبعون ألفا من هذه الأمة كل واحد منهم يشفع في سبعين ألفا كما
ورد في الخبر وذكر فيهم عثمان بن عفان وعكاشة بن محصن. وأصحاب الشمال كلهم كفرة. وأصحاب
اليمين كلهم مؤمنون لأن الله تعالى وصف أصحاب الشمال بأنهم كذبوا بالقيامة وأنهم
ظنوا أن لن يحوروا وأنهم شكّوا في البعث. وصاحب الذنب من المسلمين غير مكذّب بذلك
ولا شاكّ فيه فلا بد أن يكون إما من أصحاب اليمين وإما من السابقين وكلاهما يصير
إلى الجنة برحمة الله تعالى ، غير أن من أصحاب اليمين من يحاسب حسابا يسيرا ، فإن
أصاب أحدهم عذاب ففي مدة الحساب اليسير ثم ينقلب إلى أهله مسرورا. وقد قال الله
تعالى : (إِنَّ اللهَ لا
يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) وكل آية في الوعيد بإزائها نظيرها في الوعد فإن قوله : (وَإِنَّ الْفُجَّارَ
لَفِي جَحِيمٍ) ، بإزائه قوله : (إِنَّ الْأَبْرارَ
لَفِي نَعِيمٍ) وقوله : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ) ، بإزاء قوله : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) . وإذا تعارضت الآيات في الوعد والوعيد خصصنا آيات الوعيد
بآيات الوعد أو جمعنا بينهما. فيعذب العاصي مدة ثم يغفر له ويدخل الجنة لأجل
الثواب بعد أن استوفى حظه من العذاب إذ لا يجوز أن يثاب في الجنة ثم يرد إلى
النار. وقول القدرية ، إن صاحب الكبيرة لا نسميه برّا على الإطلاق وإنما يقال إنه
برّ في كذا على الإضافة ، يعارضه قول من قال من المرجئة إنه لا يقال له فاجر ولا
فاسق على الإطلاق وإنما يقال إنه فسق في كذا على الإضافة. وقولهم : إن ذنبه الواحد
أحبط جميع طاعاته ، خلاف قول الله تعالى :
(إِنَّ الْحَسَناتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) . وقال في من يكفر بالإيمان : (فَقَدْ حَبِطَ
__________________